بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله على ما أباح من النعم ، وأتاح (١) من القسم ، حمدا يبلّغنا أرفع محالّ ذوي الهمم ، ويوصلنا إلى المقام الأكرم ، وصلّى الله على أشرف الأمم ، وأفضل العرب والعجم ، محمّد بن عبد الله ذي الفضل الأقدم ، والمجد الأعظم ، وعلى آله مصابيح الظلم ، وينابيع الحكم ، وسلّم وكرّم.
أمّا بعد فإنّه لمّا كان الخوض في تحقيق العقائد من أنفس الفوائد ، وأعزّ الفرائد ، وجب على كلّ ذي فطنة أن يصرف رويّته (٢) إلى استخراج حقائقها ، وكشف غوامضها ودقائقها ، ولمّا كانت الطرق إلى ذلك مختلفة ، والوسائل إليه منكّرة ومعرّفة ، وجب أن نسلك أتمّها تحقيقا ، وأوضحها مسلكا وطريقا ، وهو النهج الذي سلكه متأخّرو المعتزلة (٣) ، رأيت أن املي مختصرا يقصر عن
__________________
(١) قال الجوهري في الصحاح ١ / ٣٥٧ : أتاح الله له الشيء ، أي قدّره له.
(٢) الرويّة : التفكّر في الأمر كذا في الصحاح ٦ / ٢٣٦٦.
(٣) أبو الحسن قاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمداني المتوفّى (٤١٥ ـ ٤١٦) ومعاصروه وأصحابه يعدّون من متأخّري المعتزلة راجع طبقات المعتزلة ، لأحمد بن يحيى بن المرتضى.