عن سائر الذوات؟ فإن قالوا : نفرض هذا في ذاتين متساويتين. قلنا : لم لا يرجع إلى التركيب والتأليف المخصوص؟ فإن قالوا : ذلك يختصّ الآحاد ، فلا يجوز أن يكون مقتضيا لما يختصّ بالجملة ، كما أنّ ما يختصّ بزيد لا يعلّل بما يرجع إلى عمرو. قلنا : نمنع المساواة ثمّ نطالب بدليل الجمع. ثمّ ننقض ذلك بالحال التي يثبتونها فإنّهم يعلّلونها بالقدرة ، وهي قائمة ببعض الجملة.
ثمّ نقول : لو وقف امتياز الذوات على الأحوال لما حصل الامتياز. بيان الملازمة أنّ الذوات لو لم تكن متميّزة بأنفسها لكانت الأحوال إمّا غير متميّزة ، فيلزم عدم الامتياز ، أو متميّزة بحال اخرى ، فيكون لكلّ حال حال ، وهو محال ، وإن تميّزت بنفوسها لزم أن يكون المفروض ذاتا لا حالا ، وإن تميّزت بحكمها كما يقولون ، نقلنا الكلام إلى الحكم ، ثمّ نقول: إذا جاز أن يتميّز الحال بالحكم فلم لا يجوز مثله في الذات.
الوصف الثاني : كونه عالما ، والعالم هو المتبيّن للأشياء تبيّنا يصحّ معه إحكام الفعل. والدليل على كونه عالما أنّه فعل الفعل المحكم ، وكلّ من كان كذلك فهو عالم. أمّا المقدمّة الاولى فالاستقراء يحقّقها ، وأمّا الثانية فبديهيّة.
وربّما قال قوم : العالم من كان على صفة لكونه عليها يصحّ منه إحكام ما وصف بالقدرة عليه تحقيقا أو تقديرا. (١٩) فنقول : إن عنيتم بالحال تبيّنه للأشياء فهو وفاق ، وإن عنيتم أنّه حال تقتضي التبيّن فهو ممنوع.
__________________
(١٩) قال العلّامة الحلّي في كشف المراد ص ١٦٣ : ذهبت الأشاعرة إلى أنّ لله تعالى معاني قائمة بذاته هي القدرة والعلم وغيرهما من الصفات تقتضي القادرية والعالمية والحيّية وغيرها من باقي الصفات. وأبو هاشم أثبت أحوالا غير معلومة لكن تعلم الذات عليها. وجماعة من المعتزلة أثبتوا لله تعالى صفات زائدة ـ