الصفات الراجعة إلى الذات ، فلو كانا اثنين ، لم تنفصل الذات الواحدة عن الذاتين ، وهو باطل ، وهذا الدليل مبنيّ على قواعد يصعب تقريرها. (٣٥)
الصنف الثاني : ما لفظه ومعناه النفي ، وهو ستّة :
الأوّل : البارئ سبحانه ليس بجسم ، ولا يطلق عليه لفظة الجسم ، أمّا أنّه ليس بجسم ، فلأنّه لو كان كذلك ، للزم أن يكون حادثا ، لما بيّنا من حدوث الأجسام ، لكن هذا اللازم محال.
وقد استدلّ بعض أهل الكلام على ذلك بأن قال : لو كان جسما لما صحّ منه فعل الجسم. بيان الملازمة أنّه لو كان جسما للزم أن يكون فاعلا بالمباشرة ، أو التولّد ، لكنّ الجسم لا يصحّ فعله على أحد الوجهين. بيان الحصر أنّ الفعل إمّا أن يبتدأ به في محلّ القدرة أو متعدّيا عن محلّها ، والثاني إمّا أن يفعل ابتداء أو بواسطة فعل آخر ، والأوّل مباشر ، والثاني مخترع ، والثالث متولّد. (٣٦) فثبت أنّ الأفعال لا تعدو أحد الأقسام ، لكنّ المخترع لا
__________________
(٣٥) قال الخواجة نصير الدين الطوسي في نقد المحصل ص ٣٢٢ : قد مرّ امتناع وجود واجبي وجود لذاتهما ، وذلك يكفي في إثبات هذا المطلوب [أي كونه تعالى واحدا] ... وقد يمكن أن يتبيّن هذه المسألة بالسمع ، لأنّ صحّة السمع غير موقوف على القول بوحدة الإله.
وقال الفاضل مقداد السيوري في إرشاد الطالبين : قد استدلّ على التوحيد بوجوه : الأوّل : دليل الحكماء وقد يقرّر بأربعة أوجه ... الثاني : دليل المتكلّمين ، ويسمّى دليل التمانع ... الثالث : الأدلّة السمعيّة ... وهو أقوى الأدلّة في هذا الباب.
(٣٦) المباشر : ما يبتدأ (يبتدع) بالقدرة في محلّها ، والمخترع كلّ فعل يبتدعه القادر في الخارج من ذاته ، والمتولّد ما حدث عن فعل آخر خارجا عن محلّ القدرة ، والأوّل لا يصحّ وقوعه من القديم تعالى ، والثاني لا يقدر عليه غير الله تعالى ، والثالث