يصحّ من الجسم ، لأنّ الأجسام لا تكون قادرة إلّا بالقدرة إذ لو كان جسما من الأجسام قادرا بذاته ، لوجب تساوي الأجسام كلّها في ذلك ، ضرورة تساويها في الحقيقة. والقدرة لا تقع بها المخترع ، فثبت أنّ الجسم لا يقدر إلّا على المباشر والمتولّد ، لكن فعل الجسم لا يصحّ بواحد منهما ، أمّا المباشر ، فلأنّه يلزم اجتماع جوهرين في محلّ واحد ، وأمّا المتولّد ، فلأنّه لو أمكن لكان ذلك بواسطة الاعتماد ، (٣٧) ولو صحّ فعل الجسم بواسطة الاعتماد ، لصحّ من الواحد منّا ذلك ، لأنّا قادرون على أنواع الاعتماد ، لكن ذلك محال. (٣٨)
ومن الناس من أطلق لفظة الجسم على الله سبحانه وتعالى مقيّدا
__________________
يصحّ وقوعه منه تعالى ومنّا ... راجع المقدمة في الكلام للشيخ الطوسي ص ٢٦ والحدود والحقائق للآبي ص ١٢.
(٣٧) قال علم الهدى في الحدود والحقائق ص ٤ : الاعتماد قوّة في الجسم تدافعه إلى سمت مخصوص إذا فقد المانع. وقال الآبي في الحدود والحقائق ص ٢ : الاعتماد معنى أوجب كون محلّه مدافعا لما يماسّه.
وما يسمّى بالاعتماد عند المتكلّمين هو الذي سمّاه الفلاسفة ميلا فلا تغفل راجع دستور العلماء والمصطلحات الفلسفية للسجّادي.
(٣٨) قال العلّامة الحلّي في أنوار الملكوت ص ٧٨ : إنّ الواحد منّا لما كان قادرا بقدرة لم يصحّ منه فعل الأجسام ، لأنّه إمّا أنّ يفعل مخترعا ، أو متولّدا أو مباشرا والأوّل باطل ، لأنّ المخترع لا يصحّ بالقدرة ، فإنّ القويّ الشديد لا يمكن أن يخترع في بدن المريض الضعيف تحريكا أو تسكينا إلّا بالاعتماد. والثاني باطل أيضا ، لأنّا إمّا نفعل في محلّ قدرتنا فيلزم التداخل ، أو لا في محلّ القدرة ، وهو إنّما يكون بالاعتماد الواقع في الجهات المختلفة ، ولا جهة أولى بوقوعه من اخرى فلأنّا لو اعتمدنا أوقاتا طويلة لم نفعل جسما ، والثالث باطل أيضا وإلّا لزم التداخل ...