بسلب المساواة للأجسام ، لكن يلزم من ذلك التناقض في اللفظ ، لأنّ لفظ الجسم موضوع لما له الطول والعرض والعمق ، فإذا سلب بعد ذلك مساواته للأجسام في الجسميّة لزم التناقض ، وإن سلب المساواة في غير الجسميّة لزم كونه جسما بالحقيقة.
ومن الناس من جعله جسما بالحقيقة كما يحكى عن أهل الظاهر ، وقد بيّنا ما يلزم على ذلك. (٣٩)
فإن احتجّوا بقوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى). (٤٠)
وبقوله : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ). (٤١)
وبقوله : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ). (٤٢)
وبقوله : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ). (٤٣)
__________________
(٣٩) قال العلّامة الحلّي في أنوار الملكوت ص ٧٧ : ذهب الإمامية وأكثر العقلاء إلى أنّه ليس بجسم ، وذهب الحشويّة إلى أنّه تعالى جسم ، فقال بعضهم : إنّه طويل عريض عميق ، وقال آخرون منهم : إنّه جسم لا كالأجسام. وهذا غير محقّق لأنّه إن عنوا أنّه طويل عريض عميق ، فهو المذهب الأوّل ، ودليل الإبطال مشترك بينهما ، ومع ذلك فقوله لا كالأجسام مناقضة ، وإن عنوا بكونه جسما أنّه قائم بذاته لا كالأجسام ، أي ليس بطويل عريض عميق ، فهو مسلّم ، إلّا أنّهم أطلقوا الجسم على القائم بذاته ، وهو غير مصطلح عليه ، فترجع المنازعة إلى اللفظ.
(٤٠) سورة طه ، الآية : ٥ والآيات الواردة بلفظ «الاستواء على العرش» سبع فراجع.
(٤١) سورة الرحمن ، الآية : ٢٧.
(٤٢) سورة المائدة ، الآية : ٦٤.
(٤٣) سورة القلم ، الآية : ٤٢.