البحث الثاني
في الحسن والقبح العقلي
الحسن هو ما لا يذمّ فاعله عليه ، والقبيح ما يستحقّ به الذمّ على بعض الوجوه (٨١) والواجب ما يحسن الذمّ مع تركه على وجه (٨٢).
إذا تلخّص (٨٣) هذا ، فالناس في هذا المقام طوائف. منهم القائلون بأنّ الحسن والقبح مستفاد من العقل ، وأنّ المؤثّر في ذلك وجوه الأفعال. ومنهم القائل بأنّ الحسن راجع إلى ملائمة الطبع ، والقبح إلى منافرته ، وأمّا استحقاق المدح والثواب والذمّ والعقاب فلا يستفاد إلّا من الشرع. ومنهم القائل بأنّ الحسن ما حصل به نظام المصلحة ، والقبح عكسه.
والدليل على القول الأوّل وإن كان غنيّا عن الاستدلال ـ لشهادة العقل به ـ
__________________
(٨١) القبيح كلّ فعل استحقّ فاعله الذمّ ، إذا كان عالما به ، أو متمكّنا من العلم ، ولم يكن ملجأ إلى فعله ، وإن اختصرت ذلك قلت : هو ما له مدخل في استحقاق الذمّ عليه على بعض الوجوه ... تمهيد الاصول للطوسي ٩٨.
(٨٢) لعلّ مراده ـ رحمهالله ـ من بعض الوجوه : الترك إذا وقع من عالم به غير ملجا إليه كما يظهر من تمهيد الاصول. وقال أبو الصلاح الحلبي في تقريب المعارف ٥٨ : الواجب هو ما يستحقّ به المدح وبأن لا يفعله ولا ما يقوم مقامه الذمّ ...
(٨٣) كذا في الأصل ، وتلخّص بمعنى تبيّن. كذا في القاموس.