البحث الثالث
في أنّه تعالى لا يفعل القبيح ولا يخلّ بالواجب
ولا بدّ قبل ذلك من بيان أنّه قادر على القبيح ، خلافا للنظّام (٨٧) ، والدليل على ذلك وجوه :
الأوّل : أنّه ثبت كونه قادرا على كلّ مقدور ، والقبيح مقدور ، فيجب أن يكون قادرا عليه.
الوجه الثاني : أنّ الحسن من جنس القبيح ، والقادر على أحد الجنسين يجب أن يكون قادرا على الآخر ، والدليل على أنّ الحسن من جنس القبيح أنّهما يشتركان في كون كلّ واحد منهما حركة مثلا أو سكونا ، وإنّما يختلفان بالوجوه التي يقعان عليهما ، وتلك الوجوه أمور عارضة ، والعرضيّ ليس داخلا في نفس الحقيقة ، فيكون القادر على الحقيقة قادرا على مماثلتها.
__________________
(٨٧) إبراهيم بن سيار بن هانئ البصري أبو إسحاق النظّام من أئمّة المعتزلة ، وانفرد بآراء خاصّة تابعته فيها فرقة من المعتزلة سمّيت «النظّامية» نسبة إليه. توفّي سنة ٢٣١. الأعلام للزركلي ١ / ٤٣ وراجع الأمالي للسيّد المرتضى ١ / ١٨٧ ـ ١٨٩ وريحانة الأدب ٦ / ١٩٤ وسفينة البحار ٢ / ٥٩٧ وتاريخ بغداد ٦ / ٩٧ واللباب لابن أثير ٣ / ٣١٦.