الكافر لا يؤمن تابع لاختياره ، لا مؤثّر في وقوع الفعل منه ، فصحّ مع ذلك أن يجامع التكليف.
احتجّوا بأنّ تكليف من علم الله أنّه يكفر مستلزم للضرر ، فيكون قبيحا.
والجواب : إمّا أن يكون الضرر ناشئا من التكليف أو من مخالفة ما كلّف به ، والأوّل باطل ، لأنّ بعث الكافر والمؤمن على الإيمان واحد ، فلو قبح أحدهما لقبح الآخر ، وإن كان ناشئا من المخالفة لم يؤثّر ذلك في القبح ، ضرورة أنّها حصلت من سوء اختياره لنفسه.
على أنّ الذي أراه أنّ التكليف إنّما هو دلالة على مصالح المكلّف لاشتماله على ما يقتضي وجوبه أو قبحه ، ويجب في الحكمة إعلام المكلّف بذلك ثمّ الحكمة تقتضي إلزام الإنسان بمصالحه أطاع أم عصى ، فإذا وجه القبح منتف على هذا التقدير ، والمضرّة المشار إليها غير مرتّبة عليه. (١٠٠)
المقام الثاني في ما يتناوله التكليف
قد عرفت أنّ التكليف هو البعث على ما يشقّ ، فهو إذا من فعل المكلّف ، فإن كان بعث على فعل لازم فهو إيجاب ، أو بما هو الأولى فهو ندب ، وإن كان منعا عن فعل فهو إمّا حظر أو كراهة في عرف الفقهاء.
وأمّا ما يتناوله التكليف ، فهو إمّا من فعل الجوارح ، أو من فعل
__________________
(١٠٠) راجع اللوامع الإلهيّة ١٤٨ وكشف المراد ١٨٠ وقواعد المرام للبحراني ١١٤ وتمهيد الاصول للشيخ الطوسي ١٧٣ وتقريب المعارف للحلبي ص ٧٥.