فإذا قبلنا بهذا النوع من الاجتهاد والتفسير بالرأي للآيات القرآنيّة ، فلن يبقى شيء من ظواهر القرآن نعمل به ، فإذا قلنا : إنّ المسح يعني عدم الإسراف في الغسل مجازاً ، لأمكننا تفسير جميع ظواهر الآيات بشكل آخر.
الاجتهاد والتفسير بالرأي مقابل النص :
هناك قرائن كثيرة تشير إلى قبح هذا النوع من الاجتهاد وعدم قبوله مقابل النص الرائج في عصرنا الحاضر. وهذا لم يكن موجوداً في العهد الأول للإسلام.
وبعبارة أخرى : إنّ هذا التعبد والتسليم المطلق الموجود عندنا اليوم لآيات القرآن المجيد وكلام النبي صلىاللهعليهوآله لم يكن بهذه القوّة والشدّة في تلك العصور.
فمثلاً : عند ما تحدث عمر عن رأيه المعروف : «متعتان كانتا محللتان في زمن النبي صلىاللهعليهوآله وأنا أحرمهما وأعاقب عليهما : متعة النساء ومتعة الحج» (١) ، لم نسمع أحداً من الصحابة انتقده أو وجّه الملامة له ، قائلاً إنّ هذا اجتهاد في مقابل النص.
وأمّا لو قال أحد العلماء الكبار من فقهاء الإسلام في زماننا : «إنّ العمل الفلاني كان حلالاً في عهد النبي صلىاللهعليهوآله وأنا أحرمه» ، لتصدى له الجميع استغراباً من موقفه ، وأظهروا رفضهم ، وقالوا إنّه لا قيمة لهذا الرأي ، ولا يحق لأحد أن يحرم حلال الله ، ولا يحلل حرامه ؛ لأنّه لا معنى لأن يجتهد أحد أمام النص ، ولا أن ينسخ الأحكام.
__________________
(١). مصادر هذا الحديث مرت في بحث الزواج المؤقت.