الإنسان ويعرّض نفسه للأذى ؛ لأن إهدار الطاقات والإمكانيات بدون فائدة ليس أمراً عقلائياً. التقية تشبه عملية التمويه التي يستخدمها الجنود في الحرب ؛ وذلك بانتخاب ألبسة تتناسب مع ألوان الشجر والأنفاق والسواتر للحفاظ على أنفسهم من الخطر.
إنّ كل العقلاء في العالم يستخدمون التقية أمام الأعداء الشرسين للحفاظ على أنفسهم ، ولا يمكن أن يلام شخص يستخدم هذه الوسيلة. ولا يمكن أن نجد شخصاً في الدنيا يرفض التقية إذا توفرت شروطها.
٤. التقية في كتاب الله
القرآن الكريم في آيات متعددة يجيز استخدام التقية في مقابل الكفّار والمخالفين ، ومن باب المثال :
أ) نقرأ قصة مؤمن آل فرعون : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ ...) (١) ، وتعقب الآية بعد ذلك : (وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ.)
وعلى هذا الأساس فمؤمن آل فرعون في الوقت الذي استخدم التقية قدم نصائحه لتلك الفرقة المتعصبة المعاندة التي كانت تريد سفك دم نبي الله موسى عليهالسلام.
ب) وفي مورد قرآني آخر نقرأ أمراً صريحاً : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي
__________________
(١). سورة غافر ، الآية ٢٨.