تعريض كيان المسلمين للضرر الشديد ، ففي هذه الموارد يجب أن يظهر عقيدته الواقعية حتى وإن أدى ذلك إلى وقوعه في الضرر.
وهؤلاء يتصورون أنّ التقية هي من قبيل «إلقاء النفس إلى التهلكة» لأنّ القرآن نهى عن ذلك بصراحة إذ قال : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (١). وهو اشتباه عظيم ؛ لأنّ لازم هذا حرمة حضور ميدان الجهاد ، في الوقت الذي لا يتفوه بهذا الكلام أي عاقل ، ومن هنا يتبيّن بوضوح أنّ ثورة الإمام الحسين بن علي عليهالسلام ضد يزيد كانت قطعاً وظيفة دينية. والإمام لم يكن مستعداً أن يرضخ ليزيد واتباعه وبني أمية الغاصبين للخلافة الإسلاميّة ؛ لأنّه يعلم بوقوع ضرر كبير على كيان الإسلام ، وستكون ثورته وشهادته سبباً ليقظة المسلمين ونجاتهم من حثالة الجاهلية.
٨. التقية المداراتية
وهذا نوع آخر من التقية يلجأ إليه أصحاب مذهب ما ، من دون أن يسبب ذلك وقوع ضرر على أساس الدين أو على المذهب ، بالتعاون مع بقية فرق المسلمين للحفاظ على وحدتهم.
فمثلاً : يعتقد أتباع مذهب أهل البيت عليهمالسلام بأنّه لا يجوز السجود على السجّاد ، ولا بد من السجود على الحجر أو أي شيء من أجزاء الأرض ، ودليلهم على ذلك الحديث المعروف عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله : «جُعِلَتْ لِي الأرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً» (٢).
__________________
(١). سورة البقرة ، الآية ١٩٥.
(٢). صحيح البخاري ، ج ١ ، ص ٩١ ؛ وسنن البيهقي ، ج ٢ ، ص ٤٣٣ ؛ وهناك كتب أخرى كثيرة نقلت هذا الحديث أيضاً.