فناديت ، فاجتمع الناس حتّى (١) صار المقدم عليه أقدام كثيرة.
ثمّ قال أمير المؤمنين عليهالسلام : سلوا عمّا بدا لكم يا أهل الشام.
فنهض من بينهم شيخ أشيب ، عليه بردة أتحميّة (٢) وحلّة عدنيّة ، وعمامة خزّ سوسيّة ، فقال : السلام عليك يا كنز الفقراء ، ويا ملجأ اللهفى ، يا مولاي هذه الجارية ابنتي وما قرنتها ببعل قطّ ؛ وهي عاتق (٣) حامل ، وقد فضحتني في عشيرتي ، وأنا معروف بالشدّة والنجدة والبأس والسطوة والبراعة والنزاهة ، أنا قلمّس (٤) عفريس (٥) وليث غموس (٦) ، لا تخمد لي نار ولا يضام لي جار ، عزيز عند العرب بأسي ونجدتي وحملاتي وسطواتي ، وقد بقيت ـ يا عليّ ـ حائرا في أمري فاكشف هذه الغمّة.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : ما تقولين يا جارية فيما يقول لك أبوك؟
فقالت : أمّا ما يقول أبي : إنّي عاتق فقد صدق ، وأمّا ما يقول : إنّي حامل ، والله
__________________
(١) في «س» «ه» : (حين).
(٢) في «س» «و» «ه» : (الحمية) وفي «أ» كأنّها (أتحمية).
والأتحمية : كمكرمة ومعظمة : برد معروف من برود اليمين.
والتحمة بالضم : شدة السواد ، وبالتحريك : البرود المخططة بالصفرة (انظر تاج العروس ٨ : ٢١٠).
(٣) العاتق : الجارية التي قد أدركت وبلغت فخدرت في بيت أهلها ولم تتزوج ، سميت بذلك لإنّها عتقت عن خدمة أبويها ، ولم يملكها زوج بعد (انظر لسان العرب ١٠ : ٢٣٥).
(٤) القلمس : السيّد العظيم ، الكثير الخير والعطية ، الداهية من الرجال (انظر لسان العرب ٦ : ١٨٦).
(٥) العفريس : الأسد (انظر القاموس المحيط ٢ : ٢٣١).
(٦) في «س» «ه» : (عبوس) : أي شديد.
والغموس : الشديد من الرجال الشجاع وكذلك المغامس ، يقال : أسد مغامس وقد غامس في القتال. (انظر تاج العروس ٤ : ٢٠٣).