كنت بين يدي مولاي أمير المؤمنين عليهالسلام ، إذ دخل علينا من الباب رجل مشذّب (١) عليه قباء أدكن (٢) قد اعتمّ بعمامة صفراء (٣) ، وقد تقلّد بسيفين ، فنزل من غير سلام ولم ينطق بكلام ، فتطاول إليه الناس بالأعناق ، ونظروا إليه بالآفاق ومولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ـ إليه التسليم ـ لا يرفع رأسه إليه.
فلمّا هدأت من الناس الحواسّ ، فصح عن لسان كأنّه حسام صقيل جذب من غمده وقال : أيّكم المجتبى في الشجاعة ، والمعمّم بالبراعة ، والمدرّع بالقناعة؟
أيّكم المولود في الحرم ، والعالي في الشيم ، والموصوف بالكرم؟
أيّكم أصلع الرأس ، والثابت الأساس ، والبطل الدعاس (٤) والمضيّق للأنفاس ، والآخذ بالقصاص؟
أيّكم غصن أبي طالب الرطيب [وبطله المهيب والسهم المصيب] والقسم النجيب؟
أيّكم الذي نصر به محمّد صلىاللهعليهوآله في زمانه فاعتزّ به سلطانه ، وعظم به شأنه؟
__________________
العجم «ميثم».
قال : صدق الله ورسوله ، وصدقت يا أمير المؤمنين ، والله أنّه لاسمي.
قال عليهالسلام : فارجع إلى اسمك الذي سمّاك به رسول الله صلىاللهعليهوآله ودع سالما. فرجع إلى ميثم واكتنى ب (أبي سالم).
(١) مشذّب : طويل ليس بكثير اللحم (انظر لسان العرب ١ : ٤٨٧).
(٢) الدكنة : لون يضرب إلى السواد ، دكن يدكن دكنا وأدكن وهو أدكن (انظر الصحاح ٥ : ٢١١٣ ، ولسان العرب ١٣ : ١٥٧).
(٣) في «س» «ه» : (بعمامته الصفراء).
(٤) دعس : دعسه بالرمح يدعسه دعسا : طعنه. والدعس : الطعن ، ورجل مدعس : طعان (انظر لسان العرب ٦ : ٨٣).