الكلام ، وأحقّ منك بهذا المقام ، فاستعد للجواب ، ولا تزخرف المقال.
فلاح الغضب في وجه أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقال لعمّار : اركب جملك وطف في قبائل الكوفة ، وقل لهم :
أجيبوا عليّا ، لتعرفوا الحقّ من الباطل ، والحلال من الحرام ، والصحّة من السقم.
[قال ميثم :] فركب عمّار [وخرج] فما كان إلّا هنيئة حتّى رأيت العرب كما قال الله تعالى : (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) (١) فضاق جامع الكوفة بهم (٢) ، وتكاثف الناس كتكاثف (٣) الجراد على الزرع الغض في أوانه ، فنهض العالم الأورع ، والبطين الأنزع صلوات الله عليه ، ورقى من المنبر مراق (٤) ثمّ تنحنح ، فسكت الناس ، فقال عليهالسلام (٥) :
رحم الله من سمع فوعى ، أيّها الناس إنّ معاوية يزعم أنّه أمير المؤمنين ، وأن لا يكون الإمام إماما حتّى يحيي الموتى ، أو ينزل من السماء مطرا ، أو يأتي بما يشاء ، كلّ ذلك ممّا يعجز عنه غيره ، وفيكم من يعلم أنّي الآية الباقية (٦) والكلمة التامّة والحجّة البالغة ، ولقد أرسل إليّ معاوية جاهلا من جاهليّة العرب ، ففسح في كلامه وعجرف في مقاله ، وأنتم تعلمون أنّي لو شئت لطحنت عظامه طحنا ، ونسفت
__________________
(١) سورة يس : ٥٣. وفي النسخ هكذا «ان كانت إلا صيحة فإذا هم من الإحداث إلى ربهم ينسلون» ، ولعله سهو من النساخ والصحيح هو : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) «يس : ٥١». وهو الصواب لموافقة كلام عمار.
(٢) ليست في «أ» «و».
(٣) في «س» «ه» : (كما تكاثف).
(٤) في «أ» «و» : (مرقى). ومراق : (درجات).
(٥) في «أ» : «ثمّ قال».
(٦) قوله : (الآية الباقية) ساقط من «أ» «و».