فغضب ونظر إليّ وقال لي (١) : أتكذّبني يا بن الخطّاب؟!
فقلت له : لا تغضب وعد إلى ما كنّا فيه ، فإنّ هذا الأمر ممّا لا يكون.
قال : فإن أريتكه حتّى لا تنكر منه شيئا ، استغفرت الله ممّا قلت؟ قلت : نعم.
فقال : قم معي. فخرجت معه إلى طرف المدينة ، فقال : غمّض عينيك ، فغمضتهما فمسحهما بيده ثلاث مرّات ، ثمّ قال : افتحهما.
ففتحتهما ، فإذا أنا ـ والله ـ يا أبا عبد الله برسول الله في نفر من الملائكة لم أنكر منهم شيئا ، فبقيت ـ والله ـ متحيّرا أنظر إليه ، فلمّا أطلت قال لي (٢) : هل رأيته؟ قلت : نعم.
قال : غمّض عينيك ، فغمضتهما ، ثمّ قال : افتحهما. ففتحتهما ، فإذا لا عين ولا أثر.
قال سلمان : [فقلت له :] هل رأيت من عليّ عليهالسلام غير ذلك؟
قال : نعم ، لا أكفّ عنك ، استقبلني يوما وأخذ بيدي ومضى بي إلى «الجبّانة» (٣) فكنّا نتحدّث في الطريق ، وكان بيده قوس [فلمّا خلصنا (٤) إلى الجبّانة] رمى بقوسه من يده ، فصار ثعبانا عظيما مثل ثعبان عصا موسى عليهالسلام ففغر فاه (٥) وأقبل نحوي ليبلعني فلمّا رأيت ذلك كادت (٦) تطير روحي من الخوف
__________________
(١) ليست في «س» «ه».
(٢) ليست في «أ» «و».
(٣) الجبّان : في الأصل : الصحراء ، وأهل الكوفة يسمّون المقابر جبّانة .. وبالكوفة محالّ تسمّى بها ..
(انظر معجم البلدان ٢ : ٩٩).
(٤) خلص فلان الى كذا أي : وصل إليه. وفي الحديث : «إنّي لا أخلص إلى الحجر الأسود من ازدحام الناس» أي لا أصل إليه (انظر مجمع البحرين ١ : ٦٨١).
(٥) فغر فاه : أي فتحه (الصحاح ٢ : ٧٨٢).
(٦) في النسخ : «يكاد» والمثبت من عندنا ، وفي المصادر : (فلمّا رأيت ذلك طارت روحي).