كان النبيّ صلىاللهعليهوآله ذات يوم جالسا بالأبطح وعنده جماعة من أصحابه (١) وهو مقبل علينا بالحديث إذ نظرنا (٢) إلى زوبعة (٣) قد ارتفعت ، فأثارت الغبار ، وما زالت تدنو والغبار يعلو إلى أن وقعت بحذاء النبيّ صلىاللهعليهوآله ثمّ برز منها شخص كان فيها ، ثمّ قال :
يا رسول الله ، إنّي وافد قوم ، وقد استجرنا بك فأجرنا ، وابعث معي من قبلك من يشرف على قومنا ، فإنّ بعضهم قد بغوا علينا ، ليحكم بيننا وبينهم بحكم الله وبكتابه وخذ عليّ العهود والمواثيق المؤكّدة أنّ أردّه إليك سالما في غداة غد ، إلّا أن تحدث عليّ حادثة من عند الله.
فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآله : من أنت ، ومن قومك؟
قال : أنا «عطرفة (٤) بن شمراخ» [أحد بني كاخ (٥)] أنا وجماعة من أهلي كنّا نسترق السمع ، فلمّا منعنا عن ذلك آمنّا ، ولمّا بعثك الله نبيّا آمنّا بك وصدقناك ، وقد خالفنا بعض القوم ، وأقاموا على ما كانوا عليه فوقع بيننا وبينهم الخلاف وهم أكثر
__________________
(١) في «أ» : (الصحابة).
(٢) في «أ» : (نظر).
(٣) الزوبع والزوبعة : ريح تدور في الأرض لا تقصد وجها واحدا تحمل الغبار وترتفع إلى السماء كأنّه عمود ، أخذت من التّزبّع ، وصبيان الأعراب يكنون الإعصار أبا زوبعة يقال فيه شيطان مارد.
وزوبعة : اسم شيطان مارد أو رئيس من رؤساء الجنّ ؛ ومنه سمّي الإعصار زوبعة. ويقال أمّ زوبعة ، وهو أحد النفر التسعة أو السبعة الذين قال الله عزوجل فيهم : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) (الأحقاف : ٢٩) (انظر لسان العرب ٨ : ١٤٠).
(٤) في عيون المعجزات : (غطرفه) ، وفي اليقين المطبوع : (عرفطة) وما في نسخنا موافق لما في الروضة والفضائل وبحار الأنوار.
(٥) في عيون المعجزات : (نجاح) ، وما أثبتناه عن المصادر والبحار.