__________________
قال : فضحك المنافقون ، وقالوا : إنّ الذين حضروا العقد حشر من الناس ، وإنّ محمّدا سيضع طعاما لا يكفي عشرة اناس ، فسيفتضح محمّد اليوم.
وبلغ ذلك إليه ، فدعا بعمّيه حمزة والعباس ، وأقامهما على باب داره وقال لهما : أدخلا الناس عشرة عشرة. وأقبل على عليّ وعقيل فأزرهما ببردين يمانيين ، وقال : انقلا على أهل التوحيد الماء ، واعلم ـ يا عليّ ـ أنّ خدمتك المسلمين أفضل من كرامتك لهم.
قال : وجعل الناس يردون عشرة عشرة ، فيأكلون ويصدرون حتّى أكل الناس من طعامه ثلاثة أيام ، والنبي صلىاللهعليهوآله يجمع بين الصلاتين : الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء الآخرة.
وجعل الناس يصدرون ، فعندها قال النبيّ : أين عمي العباس؟ فأجابه : لبيك يا رسول الله.
قال النبيّ : يا عم ، مالي أرى الناس يصدرون ولا يردون؟!
قال : يا ابن أخي ، ما في المدينة مؤمن إلا وقد أكل من طعامك ، حتى أنّ جماعة من المشركين دخلوا في عداد المؤمنين ، فأحببنا أن لا نمنعهم ليروا ما أعطاك الله تعالى من المنزلة العظيمة والدرجة الرفيعة.
قال النبيّ : يا عمّ ، أتعرف عدد القوم؟
قال : لا علم لي ، ولكن إن أردت أن تعرف عدد القوم فعليك بعمّك حمزة.
فنادى النبيّ : أين عمي حمزة؟ فأقبل يسعى ، وهو يجر سيفه على الصفا ـ وكان لا يفارقه سيفه شفقة على دين الله ـ فلما دخل على النبيّ رآه ضاحكا ، فقال له النبيّ : مالي أرى الناس يصدرون ولا يردون؟
قال : لكرامتك على ربّك ، اطعم الناس من طعامك حتّى ما تخلّف عنه موحّد ولا ملحد.
قال : كم طعم منهم؟ هل تعرف عددهم؟ قال : والله ، ما شذّ عليّ رجل واحد ، أكل من طعامك في أيامك تلك بعدة ثلاثة آلاف وعشرة اناس من المسلمين ، وثلاثمائة رجل من المنافقين. فضحك النبيّ صلىاللهعليهوآله حتّى بدت نواجدة.
ثمّ دعا بصحاف ، وجعل يغرف فيها ويبعث به مع عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عقبة إلى بيوت الأرامل والضعفاء والمساكين من المسلمين والمسلمات ، والمعاهدين والمعاهدات ، حتّى لم يبق يومئذ بالمدينة دار ولا منزل إلّا أدخل إليه من طعام النبيّ صلىاللهعليهوآله.
ثمّ نادى : هل فيكم رجل يعرف المنافقين؟ فأمسك الناس ، فنادى الثانية فلم يجبه أحد ، فنادى :