__________________
فلمّا طال ذلك عليهم ضجوا بالبكاء والنحيب ، وقالوا : يا محمّد.
قال النبيّ : يا محمّد! قالوا : يا أبا القاسم.
قال النبيّ : يا أبا القاسم! قالوا : يا رسول الله.
قال النبيّ : لبيكم.
وكان صلىاللهعليهوآله إذا نودي باسمه يا أحمد يا محمّد ، أجاب بهما ، وإذا نودي بكنيته ، أجاب بها ، وإذا نودي بالرسالة والنبوة أجاب بالتلبية.
فقال النبيّ : ما الذي تريدون؟ قالوا : يا محمّد ، التوبة التوبة ، ما نعود ـ يا محمّد ـ في نفاقنا أبدا.
فقام النبيّ صلىاللهعليهوآله على قدميه ، ورفع يديه إلى السماء ، ونادى :
اللهم إن كانوا صادقين فتب عليهم ، وإلّا فأرني فيهم آية لا تكون مسخا ولا قردا ، لأنّه رحيم بامته.
قال : فما اشبه ذلك اليوم إلّا بيوم القيامة ، كما قال الله عزوجل : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) فأمّا من آمن بالنبيّ فصار وجهه كالشمس عند ضيائها ، وكالقمر في نوره.
وأمّا من كفر من المنافقين ، وانقلب إلى النفاق والشقاق ، فصار وجهه كالليل في ظلامه.
وآمن بالنبيّ مائة رجل ، وانقلب إلى الشقاق والنفاق اثنان وسبعون رجلا ، فاستبشر النبيّ بإيمان من آمن ، وقال : لقد هدى الله هؤلاء ببركة عليّ وفاطمة.
وخرج المؤمنون متعجبون من بركة الصحفة ومن أكل منها من الناس ، فأنشد ابن رواحة شعرا :
نبيكم خير النبيين كلهم |
|
كمثل سليمان يكلمه النمل |
فقال النبي صلىاللهعليهوآله : أسمعت خيرا يا ابن رواحة ، إنّ سليمان نبيّ ، وأنا خير منه ولا فخر ، كلّمته النملة ، وسبّحت في يدي صغار الحصى ، فنبيكم خير النبيين كلهم ولا فخر ، فكلهم إخواني.
فقال رجل من المنافقين : يا محمّد ، وعلمت أنّ الحصى سبّح في كفّك ، قال : إي ، والذي بعثني بالحق نبيا.
فسمعه رجل من اليهود ، فقال : والذي كلّم موسى بن عمران على الطور ، ما سبّح في كفّك الحصى.
فقال النبيّ : بلى ، والذي كلّمني في الرفيع الأعلى ، من وراء سبعين حجابا ، غلظ كل حجاب مائة عام.
ثم قبض النبيّ على كف من الحصى ، فوضعه في راحته ، فسمعنا له دويا كدوي الإذن إذا سدت