وما أخبر به عن الغيوب التي تكون على التفصيل لا على الإجمال كقوله تعالى : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ) (١) الآية ، فكان كما أخبر صلىاللهعليهوآله به .. وغيرها الكثير مما هو مذكور في القرآن الكريم.
وفيما يخصّ القرآن الكريم قال الله تعالى متحدّيا البشر : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (٢) وهو نصّ واضح الدلالة على أنّ البشر عاجزون عن أن يأتوا بمثل القرآن ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ؛ أي سندا وعونا.
وكما هو معروف أيضا فالقرآن الكريم هو المعجزة الظاهرة الأولى للرسول محمّد صلىاللهعليهوآله ، لكنّ هناك سوء فهم عند كثير من المستشرقين ، ناهيك عن بعض المسلمين في هذه النقطة ، وسوء الفهم هذا ناشئ من افتراض أنّ معجزة النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآله هي القرآن فقط لا غير ، كما أنّ معجزة نبيّ الله موسى عليهالسلام هي العصا فقط ، وكما أنّ معجزة عيسى المسيح عليهالسلام هي إحياء الموتى وإبراء الأكمة والأبرص ، وكما أنّ معجزة إبراهيم الخليل عليهالسلام أن تكون النار بردا وسلاما عليه ، وهكذا ..
بلى ، نحن لا نمنع أن تكون هناك معجزة ملازمة لنبيّ من الأنبياء لسبب ولآخر ، كملازمة القرآن للرسول محمّد صلىاللهعليهوآله ، والعصا لموسى عليهالسلام ، لكنّ هذا لا يعني أنّ الأنبياء ليست لديهم معاجز يعجز البشر أن يأتوا بمثلها ، فالإخبار بالغيب الذي ينزل به جبرئيل عليهالسلام من عند الله عزوجل على المعصومين عليهمالسلام ، هو من أبرز مفردات الإعجاز لو تأمّلنا ذلك قليلا ، وربّما تكون هذه النقطة من أقوى عناصر
__________________
(١) الفتح : ٢٧.
(٢) الاسراء : ٨٨.