فلمّا فشا ذلك في الشيعة وكثر وطال اشتكت الشيعة إلى زين العابدين عليهالسلام ، وقالوا : يا ابن رسول الله أجلونا عن البلدان ، وأفنونا بالقتل الذريع ، وقد أعلنوا لعن أمير المؤمنين عليهالسلام في البلدان وفي مسجد الرسول على منبره ، ولا ينكر عليهم منكر ، ولا يغيّر عليهم مغيّر ، فإن أنكر واحد منّا على لا عنه ، قالوا : هذا صاحب أبي تراب (١) ورفع ذلك إلى سلطانهم وكتب إليه أنّ هذا ذكر أبا تراب بخير فيحبسون (٢) ويضربون ويقتلون.
فلمّا سمع عليهالسلام ذلك نظر إلى السماء ، فقال : سبحانك ما أحلمك وأعظم شأنك! إنّك أمهلت عبادك حتّى ظنّوا أنّك أهملتهم [وهذا كلّه بعينك ، إذ لا يغلب قضاؤك ، ولا يردّ تدبير محتوم أمرك ، فهو كيف شئت ، وأنّى شئت لما أنت أعلم به منّا] ، ثمّ دعا ابنه أبا جعفر محمّد عليهالسلام فقال :
يا محمّد ، إذا كان غدا ، فاغد إلى المسجد [وخذ الخيط الذي نزل به جبرئيل على رسول الله صلىاللهعليهوآله] فحرّكه تحريكا ليّنا ، ولا تحرّكه تحريكا شديدا فيهلكوا جميعا (٣).
قال جابر : فبقيت ـ والله ـ متعجّبا من قوله ، لا أدري ما أقول! وكنت في كلّ يوم أغدو إلى أبي جعفر عليهالسلام إلّا ذلك اليوم ، وقد طال (٤) عليّ ليلي حرصا لأنظر ما يكون من أمر الخيط وتحريكه.
فبينا أنا بالباب إذ خرج عليهالسلام فسلّمت [عليه] فردّ السلام ، وقال : ما غدا بك يا جابر في هذا الوقت؟
__________________
(١) في «س» «و» «ه» : (هذا أبو ترابي) بدل من : (هذا صاحب أبي تراب).
(٢) في «س» «ه» : (يحسنون).
(٣) ليست في «س» «ه».
(٤) في النسخ : (بقى) والمثبت عن المصادر.