كبد القوس ، ثمّ انتزع ورمى وسط الغرض فنصبه فيه ، ثم رمى فيه الثانية فشقّ فواق سهمه إلى نصله.
ثمّ تابع الرمي حتّى شقّ تسعة أسهم بعضها في جوف بعض ، وهشام يضطرب في مجلسه فلم يتمالك أن قال :
أجدت يا أبا جعفر وأنت أرمى العرب والعجم! كلا (١) ، زعمت أنّك قد كبرت عن الرمي ، ثمّ أدركته ندامة على ما قال.
وكان هشام لم يكنّ أحدا (٢) قبل أبي (٣) ولا بعده في خلافته ، فهمّ به وأطرق إطراقة [يتروّى فيها] وأبي واقف بحذاه ، مواجها له وأنا وراء أبي.
فلمّا طال وقوفنا بين يديه غضب أبي وهمّ به وكان أبي إذا غضب نظر إلى السماء نظر غضبان يبيّن الغضب في وجهه.
فلمّا نظر هشام إلى ذلك من أبي قال له : إليّ يا محمّد.
فصعد أبي إلى السرير وأنا أتبعه ، فلمّا دنا من هشام قام إليه فاعتنقه وأقعده عن يمينه ، ثمّ اعتنقني وأقعدني عن يمين أبي ، ثمّ أقبل على أبي بوجهه ، فقال له :
يا محمّد ، لا تزال العرب والعجم تسودها قريش ما دام فيهم مثلك ، لله درّك! من علّمك هذا الرمي؟ وفي كم تعلّمته؟
__________________
(١) في «أ» «و» زيادة : (كذا).
(٢) قوله : (لم يكنّ أحدا) ساقط من «أ» «و».
ولم يكنّ أحدا قبل أبي : أي أنّه لا ينادي من حوله بكنيّته ، وهذه أوّل مرّة كنّى فيها الإمام الباقر عليهالسلام ، وقال له : يا أبا جعفر.
(٣) في «أ» «و» : (قبلي أنثى) وفي «س» «ه» : (قبلي أبي).