فقال له (١) أبي : قد علمت أنّ أهل المدينة يتعاطونه فتعاطيته أيّام حداثتي (٢) ، ثمّ تركته ، فلمّا أراد أمير المؤمنين منّي ذلك عدت فيه.
فقال له : ما رأيت مثل هذا الرمي قطّ مذ عقلت (٣)! وما ظننت أنّ في الأرض أحدا يرمي مثل هذا الرمي! أين رمي جعفر من رميك؟
فقال عليهالسلام : إنّا نحن نتوارث الكمال والتمام والدين [إذ] أنزل (٤) الله على نبيّه صلىاللهعليهوآله في قوله (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (٥) والأرض لا تخلو ممّن يكمّل هذه الأمور التي يقصر عنها غيرنا.
قال عليهالسلام : فلمّا سمع ذلك من أبي تقلبت (٦) عينه اليمنى فاحولّت ، واحمرّ وجهه ، وكان ذلك علامة غضبه إذا غضب ، ثمّ أطرق هنيئة ، ثمّ رفع رأسه ، فقال لأبي : ألسنا بنو عبد مناف ، نسبنا ونسبكم واحد؟!
فقال أبي عليهالسلام : نحن كذلك ، ولكن الله جل ثناؤه اختصّنا من مكنون سرّه وخالص علمه (٧) بما لم يختصّ (٨) أحدا به غيرنا.
فقال : أليس الله جلّ ثناؤه (٩) بعث محمّدا صلىاللهعليهوآله من شجرة عبد مناف إلى الناس
__________________
(١) ليست في «أ».
(٢) في «س» «و» «ه» : (أيّامي لحداثتي).
(٣) في «أ» «و» : (خلقت).
(٤) في «س» «و» «ه» : (والذين أنزلهم) وفي دلائل الإمامة : (الذين أنزلهما).
(٥) المائدة : ٣.
(٦) في «س» «ه» : (نقلت).
(٧) في «س» «ه» : (عمله).
(٨) في «س» «ه» : (يخصّ).
(٩) من قوله : (اختصّنا من مكنون سرّه) إلى هنا ساقط من «أ».