السبق ويعلن للمسلمين أنّ الروم سيغلبون الفرس بعد ستّ سنين ، وقد كذّب الله أبا بكر في ذلك على ما روى الترمذي في سننه بقوله :
حدّثنا محمّد بن إسماعيل ، أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس ، حدّثني ابن أبي الزناد عن أبي الزناد ، عن عروة بن الزبير ، عن نيار بن مكرم الأسلميّ ، قال :
لمّا نزلت : (الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ) فكانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين للروم ، وكان المسلمون يحبّون ظهور الروم عليهم ؛ لأنّهم وإيّاهم أهل كتاب ، وفي ذلك قول الله تعالى : (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) وكانت قريش تحبّ ظهور فارس لأنّهم وإيّاهم ليسوا بأهل كتاب ولا إيمان ببعث ، فلمّا أنزل الله هذه الآية خرج أبو بكر الصدّيق يصيح في نواحي مكّة : (الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ) فقال ناس من قريش لأبي بكر : فذلك بيننا وبينك زعم صاحبك أنّ الروم ستغلب فارس في بضع سنين أفلا نراهنك على ذلك ، قال : بلى ، وذلك قبل تحريم الرهان ، فارتهن أبو بكر والمشركون وتواضعوا الرهان ، وقالوا لأبي بكر : كم تجعل البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين فسمّ بيننا وبينك وسطا تنتهى إليه ، قال : فسمّوا بينهم ست سنين ، قال : فمضت الستّ سنين قبل أن يظهروا ، فأخذ المشركون رهن أبي بكر ، فلمّا دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس فعاب المسلمون على أبي بكر تسمية ستّ سنين قال : لأنّ الله تعالى قال : في بضع سنين ، قال وأسلم عند ذلك ناس كثير. هذا حديث حسن صحيح (١).
__________________
(١) سنن الترمذي ٥ : ٢٤ ، وانظره في التاريخ الكبير ٨ : ١٣٩ في ترجمة نيار بن مكرم الأسلمي.