خرجت حاجّا إلى بيت الله الحرام سنة ١٤٩ ه ، فنزلنا القادسيّة (١).
قال شقيق : فنظرت إلى الناس في القباب والعماريّات (٢) والخيم والمضارب وكلّ إنسان منهم قد تزيّن (٣) على قدره ، فقلت : اللهم إنّهم قد خرجوا إليك فلا تردّهم خائبين ، فبينما أنا قائم وزمام راحلتي بيدي وأنا أطلب موضعا أنزل فيه منفردا عن الناس إذ نظرت إلى فتى فتيّ (٤) السنّ ، حسن الوجه ، شديد السيرة عليه سيماء العبادة وشواهدها ، وبين عينيه سجّادة (٥) ، كأنّها كوكب درّي ، وعليه من فوق ثوبه شملة من الصوف ، وفي رجله نعل عربيّ ، وهو منفرد في عزلة من الناس (٦).
فقلت (٧) في نفسي : هذا الفتى من هؤلاء الصوفيّة المتوكّلة ، يريد أن يكون كلّا (٨) على الناس في هذا الطريق ، والله لأمضينّ إليه [ولأوّبخنّه].
__________________
أبيه حاتم الأصم فهو : الزاهد القدوة الربّاني ، أبو عبد الرحمن حاتم بن عنوان بن يوسف البلخي الواعظ ، روى عن شقيق البلخي وصحبه و..
وروى عنه عبد الله بن سهل الرازي ، وأحمد بن خضرويه البلخي .. وآخرون. وتوفّي سنة سبع وثلاثين ومائتين (انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١١ : ٤٨٤ / ١٢٨).
(١) القادسية : قرية قرب الكوفة من جهة البر بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخا ، وبينها وبين العذيب أربعة أميال ، وفيها ـ أي القادسيّة ـ كانت الواقعة العظمى بين المسلمين والفرس .. (انظر مراصد الاطلاع ٣ : ١٠٥٤).
(٢) العماريّات : جمع عماريّة : الهودج الذي يجلس فيه.
(٣) في دلائل الإمامة : (تزيا).
(٤) في دلائل الإمامة : (حدث).
(٥) أي أثر السجود في جبهته عليهالسلام المباركة.
(٦) في «أ» «و» : (في منزلة عن الناس).
(٧) في «س» «ه» : (فقلنا).
(٨) في «س» «ه» : (اكلا).