الله ، ولا ندّعي أنّ المعصوم عالم بذلك مطلقا ، بل بقيد أنّ الله سبحانه وتعالى أذن له بذلك ، وهذا كما هو في مسألة إحياء الموتى ، فالمسيح عليهالسلام كما هو نصّ القرآن ، لم يك ليحيي الموتى لو لا أنّ الله أذن له بذلك ، وأعتقد أنّ هذه القضية واضحة ولا تحتاج إلى مزيد كلام ، ولا توسعة بحث.
ومن الأمور التي ينبغي أن نتذكّرها ونتذاكرها من نفحات الإعجاز النبويّ ، هو ما يتعلّق بأمير المؤمنين عليّ سلام الله عليه ، فإنّه وإن كانت هناك عشرات بل مئات الأدلّة التي تشهد بالمقام السامي المقدّس لأمير المؤمنين ، لكننا نعتقد جازمين بأنّ بعض هذه الأدلّة كاف لأن يشهد بذلك ؛ خاصّة تلك التي تدخل شخصيّة أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام مدخل الإعجاز ، والروايات في هذا الشأن كثيرة جدّا ..
منها : ما رواه مسلم في صحيحه حيث قال : وحدّثني محمّد بن المثنّى ، حدّثنا ابن أبي عدي ، عن سليمان عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله ذكر قوما يكونون في أمّته يخرجون في فرقة من الناس ، سيماهم التحالق ، قال : «هم شر الخلق أو من أشرّ الخلق يقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحقّ» قال : فضرب النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم لهم مثلا أو قال قولا : «الرجل يرمى الرمية» ، أو قال : «الغرض فينظر في النصل فلا يرى بصيرة وينظر في الفوق فلا يرى بصيرة» قال الراوي : قال أبو سعيد الخدريّ : وأنتم قتلتموهم يا أهل العراق (١).
فهذا الخبر من أعلام النبوّة ، ومن براهين العصمة ، وأنّ أمير المؤمنين عليّا عليهالسلام ليس شخصا كأيّ شخص ، بل هو محطّ العناية الربّانيّة ، وعنصر مهمّ من عناصر برنامج الوحي في ما نسمّيه مشروع الحفاظ على الدين ، فليس قليلا أن ينبئ النبيّ
__________________
(١) صحيح مسلم ٣ : ١١٣.