جريح ، وكانوا لا يظنّون جريحا خادما زمانا (١) ، فأقبل أبواهما إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو جالس في مسجده فجلسنا بين يديه ، وقالا :
يا رسول الله ، ما يحلّ لنا ولا يسعنا أن نكتمك ما ظهرنا عليه من خيانة واقعة بك.
قال صلىاللهعليهوآله : وما ذا تقولان؟! قالا : يا رسول الله ، إنّ جريحا يأتي من مارية الفاحشة العظمى ، وإنّ حملها من جريح وليس هو منك يا رسول الله.
فتغيّر لون وجه رسول الله صلىاللهعليهوآله وتلوّن! ثمّ قال : ويحكما ، ما تقولان؟!
فقالا : يا رسول الله ، إنّنا خلّفنا جريحا ومارية في مشربة ، وهو يلاعبها ويروم منها ما يروم الرجال من النساء ، فابعث إلى جريح فإنّك تجده على هذه الحال فانفذ فيه حكمك وحكم الله تعالى.
فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : يا أبا الحسن يا أخي ، خذ معك سيفك ذا الفقار حتّى تمضي إلى مشربة مارية ، فإن صادفتها وجريحا كما يصفان ، فأخمدهما (٢) ضربا.
فقام أمير المؤمنين عليهالسلام واتّشح بسيفه (٣) وأخذه تحت ثوبه ، فلمّا ولّى من بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله رجع إليه ، فقال :
يا رسول الله ، أكون فيما أمرتني كالسكة المحماة في النار؟ أو الشاهد ، يرى ما لا يرى الغائب!
فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : فديتك يا عليّ ، بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب.
__________________
(١) الزمانة : العاهة ، ورجل زمن : أي مبتلى (انظر مجمع البحرين ٢ : ٢٩١ ـ مادة : زمن).
(٢) في النسخ : (فاحدهما) والمثبت عن المصادر.
(٣) في «س» «ه» : (وامسح سيفه).