فأقبل عليّ عليهالسلام وسيفه في يده حتّى تسوّر من فوق مشربة مارية وهي جالسة وجريح معها يؤدّبها بآداب الملوك ، ويقول لها : أعظمي رسول الله وكنّيه وأكرميه ، ونحوا من هذا الكلام ، حتّى نظر جريح إلى أمير المؤمنين وسيفه مشهر بيده ، ففزع منه جريح وأتى إلى نخلة في دار المشربة فصعد إلى رأسها ونزل (١) أمير المؤمنين إلى المشربة ، وكشفت الريح عن أثواب جريح ، فانكشف ممسوحا (٢) ، فقال : انزل يا جريح.
فقال : يا أمير المؤمنين ، آمن على نفسي؟
قال عليهالسلام : آمن على نفسك.
قال : فنزل جريح وأخذ بيده أمير المؤمنين عليهالسلام وجاء به إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فأوقفه بين يديه ، فقال له : يا رسول الله ، إنّ جريحا خادم ممسوح.
فولّى النبيّ صلىاللهعليهوآله وجهه إلى الحائط ، وقال : يا جريح اكشف عن نفسك حتّى يتبيّن كذبهما ، ـ ويحهما ما أجرأهما على الله وعلى رسوله ، لعنهما الله ـ.
فكشف جريح عن أثوابه ، فإذا هو خادم ممسوح كما وصف.
فسقطا بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله وقالا : يا رسول الله التوبة ، واستغفر لنا فلن نعود.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تاب [الله] عليكما ، فما ينفعكما استغفاري ومعكما هذه الجرأة على الله ورسوله؟!
__________________
(١) في «س» «ه» : (ونزله).
(٢) ممسوحا : أي ليست له مذاكير ، ويقال : رجل ممسوح : إذا سلتت مذاكيره (انظر لسان العرب ٢ : ٥٩٤).