يهتدي سبيله الجنين في ولادته ، والفرخ من بيضته.
ومتى هدي العالم إلى الفطرة ، هدي إلى الإسلام ، فإن الإسلام هو دين الفطرة.
ومعرفة الله سبحانه وتعالى مركوزة في كل طبع. واسمه الكريم معروف في كل لغة ، واختلاف الأجناس والألسنة لم يصرف الأفئدة والأفكار عن هذه الحقيقة الواحدة.
بيد أن هذه المعرفة المتصلة برب العالمين لم تأخذ امتدادها الكامل وسماتها الراشدة ، ولم تبرأ من الأوهام وتبعد عن الأهواء ، إلا عند ما تلقّاها الناس مصفّاة من ينابيع الوحي ، وسمعوا آياتها تتلى من أفواه الأنبياء.
ولكن ذلك لم يمنع الكثير ممن لم يدخلوا في نطاق الرسالات الأولى ، أو لم تبلغهم ـ على وجه صحيح ـ هدايات القرآن الكريم ، أن يفكروا في الله من تلقاء أنفسهم ، وأن يطلقوا لعقولهم عنان البحث.
والفلسفة الإلهية حافلة بالكثير من هذه الأفكار ، كما أن علماء الكون في العصر الأخير قد تكلموا عن الله في حدود ما هداهم إليه البحث المجرد في آفاق الطبيعة وأسرارها وقوانينها.
والفلاسفة القدامى أسموا الله : الصانع ، والعقل الأول ، وواجب الوجود ، وسبب الأسباب ، وغير ذلك من الأسماء التي اصطلحوا عليها.
كما أن للعلماء المحدثين تصورات في الألوهية التبس فيها الحق بالباطل كما سترى. وعلة هذا اللبس ، أن هداية السماء لم تصحب العقل في سيره. ومن ثمّ أقر العقل بالمبدإ الواجب ، وأخطأ في التفاصيل المتعلقة به.
المهم أن العقل الذكيّ ، والبحث النزيه ، والفكرة المبرّأة عن الغرض ، المستقيمة على النهج ، تتأدى بأصحابها ـ حتما ـ إلى الله ، وتقفهم خاشعين أمام الشعور الغامر بعظمته وجلاله.
ليس كمثله شيء
إن مخالفة الذات الإلهية لغيرها من المحدثات ظاهرة ، والبداهة تقضي بأن بين