الواسع ، والإرادة الشاملة ، والقدرة الكاملة ، وأنه ـ سبحانه ـ فعال لما يريد ، عالم بما يفعل.
وعلى هذه الصفات قامت عقيدة القضاء والقدر. فكان الإيمان بها ـ لا ريب ـ جزءا متمما للإيمان بالله ، وعنصرا من حقيقته الواضحة المشرقة.
نعم إن الله وسع كل شيء علما ، وأحاط بكل شيء خبرا.
سواء في هيمنته : دبيب النمل في جحورها ، أو وثبات الأفلاك في مداراتها.
وشمول علمه يستغرق الأمكنة على تعدادها ، والأزمنة على تطاولها. فما تغيب عنه بقعة في المشرق أو في المغرب ، وما يغيب عنه يوم في الأزل أو الأبد.
وأحداث الحياة ـ وما أكثر ما يلوح في آفاق الحياة من خير وشر ، وبأس ورجاء ، وحزن وفرح ـ ذلك كله استوعبه العلم الإلهي عدا وإحصاء : (وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [يونس : ٦١].
وفي صفحات هذا الكتاب خطّت سطور القضاء والقدر ، وعرفت مصاير الأمور ، ووضّحت نهاياتها ، من شقاوة وسعادة. ولكن أنّى لنا علم بذلك؟
إنما الغيب كتاب صانه |
|
عن عيون الخلق رب العالمين |
ليس يبدو منه للناس سوى |
|
صفحة الحاضر حينا بعد حين |
ويتعلق القضاء والقدر بوقائع الحياة وأحداثها وأعمال الناس وتصرفاتهم على نحوين واضحين متميزين! لكل نحو منهما حكمه الخاص وآثاره التي تترتب عليه.
وبين كلا القسمين فواصل قائمة ، تجاهلها يوقع في الدين الغموض والاضطراب ، ولذلك سنوضح حدود كل قسم ومعالمه.
نحن مجبورون في هذا
هناك أمور تحدث وتتم بمحض القدرة العليا ، وعلى وفق المشيئة الإلهية وحدها ، وهي تنفذ في الناس طوعا أو كرها ، سواء شعر بها الناس أو لم يشعروا. فالعقول