الشفاعة
يغلط عوام المسلمين بأحاديث واردة في شفاعة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لبعض العصاة.
وتعلّق أولئك العوام بأحاديث الشفاعة يخيل إليك أن قوانين الجزاء بطلت. وأن نيران الجحيم توشك أن تتحول بردا وسلاما على عصاة المؤمنين.
وكثيرا ما يفرط هؤلاء الجهال في الفروض ، ويقعون في أوخم الذنوب ثم يقولون : أمة محمد بخير!
وهذا مسلك ساقط.
ومحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أول من يستنكره ويحارب أصحابه ، وينذرهم بأنهم أصحاب الجحيم.
فأما أن الجزاء حق ، وأنه يتناول الذرة من الخير والشر. وأنه يعم الناس أجمعين ، فذلك صريح القرآن.
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)) [الزلزلة: [٧ ـ ٨].
والقول بأن قوانين الجزاء توقفت بالنسبة لأتباع نبيّ ما سخف فارغ ، وقد كذّب القرآن الكريم في مواضع شتى مزاعم الأولين والآخرين لمّا جمحت بهم أمانيهم إلى هذا الوهم الباطل.
فليس للشفاعة هذا النطاق الواسع الذي يبرر به الخطاءون إصرارهم ، وما تفيدهم أمانيّهم فيها شيئا.
وقد بيّن الله سبحانه أن الشفاعة لا تجدي على كافر ، ولا على فاسق مثقل بالخطايا.
قال الله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨)) [البقرة : ٤٨].
وقال كذلك : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا