فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً)(٥) [النازعات : ١ ـ ٥].
النازعات فيما أرى ـ والله أعلم ـ : فهن السحائب المنتزعات لماء الأمطار من البحار والأنهار ، ومما في الأرض من الندوة والبخار ، وكذلك صح في الروايات والأخبار. وهذه الرؤية تصدقها الآية الكريمة : (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ (١١)) [الطارق : ١١].
عناصر الأشياء
قال متحدثا عن أصول العناصر الأربعة ، التراب والماء والنار والهواء : والدليل البتّ اليقين ، الشاهد العدل المبين ، على أن آدم عليهالسلام بدئ من التراب وخلق ، مصير نسله ترابا إذا بلي وفرّق ، وكل مركّب انتقض من الأشياء ، فعاد إلى شيء عند تنقضه بالفرقة والبلى ، فمنه ركّب وخلق غير شك ولا امتراء ، كالثلج والجليد ، والبرد الشديد ، الذي يعود كل واحد منهما إذا انتقض وفرّق ، إلى ما ركّب منه من المياه وخلق ، وكمركّب الأشجار والحبوب وغيرهما من ضروب الأغذية ، التي تعود عند بلائها إلى ما ركّبت منه من الأرضين والمياه والنيران والأهوية.
العقل
للعقل عنده مكانة عالية ودور متميز ، وهو أعظم نعمة منّ بها الله على خلقه ، ولذلك تراه يقدسه أيما تقديس ، ويدعو إلى استعماله والنظر به.
قال في تعريف العقل : والعقل روحاني لا يرى بالعيون ، لأنه ليس بشبح ولا لون ولا جسم.
وقال : وسألته : عن العقل في الإنسان أطبع هو أم مستفاد؟
فقال : هو الحفظ والفكر ، وأصل العقل فطرة وخلقة.
وقال أيضا : فهذه ثلاث عبادات من ثلاث حجج ، احتج بها المعبود على العباد ، وهي : العقل ، والكتاب ، والرسول. فجاءت حجة العقل بمعرفة المعبود ، وجاءت حجة الكتاب بمعرفة التعبد ، وجاء الرسول بمعرفة العبادة. والعقل أصل الحجتين الآخرتين ، لا