نظرة إلى القرآن
القرآن عند الإمام هو ما بقي من وحي في هذه الدنيا ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فهو محفوظ بحفظ الله ، وهو العزاء الوحيد عن ضياع مواريث النبوات الأولى ، ففيه الهداية والنور.
قال : فمن اعتصم بنور كتاب الله وبرهانه ، واتبع ما فيه من أموره وتبيانه ، أدخله الله كما قال سبحانه مدخلا كريما ، وهداه به كما وعد صراطا مستقيما ، ومن أبصر به واهتدى ، لم يعم بعده أبدا ، ومن عمي عنه فلم ير هداه ، وتورط من غيّه ورداه ، في بحور ذات لجّ من الجهالات ، وتخبط في غور لجج من الضلالات ، لا يخرج من تورط فيها من ضيق غورها ، ولا ينجو غريق بحورها ، من نار تبوبها ، وحيرات سهوبها ، فلا صريخ له فيها ينقذه من تبّ ، ولا هاد يهديه منها في سهب ، فهو في لج بحورها في تبوب ، ومن ضلالات غورها في سهوب ...
القرآن كتاب حياة
وقال الإمام القاسم عن القرآن : نور أعين القلوب المبصرة ، وحياة ألباب النفوس المطهرة ، إلف فكر كل حكيم ، وسكن نفس كل كريم ، وقصص الأنباء الصادقة ، ونبأ الأمثال المتحققة ، ويقين شكوك حيرة أولي الألباب ، وخير ما صحب من الأصحاب ، سر أسرار الحكمة ، ومفتاح كل نجاة ورحمة ، قول أرحم الراحمين ، وتنزيل رب العالمين ، نزل به الروح الأمين ، فأيّ منزّل سبحانه ونازل وتنزيل ، لقد جل سبحانه وتنزيله عن كل تمثيل ، وطهر وتقدس ـ إذ وليه بنفسه ، ونزل به روح قدسه ، ـ عن قذف الشياطين وأكاذيبها ، وافتراء مردة الآدميين وألاعيبها ، فأحكم عن خطل الوهن والتداحض ، وأكرم عن زلل الاختلاف والتناقض ، فجعل بآياته مترافدا ، وبضياء بيناته متشاهدا ، غير متكاذب الأخبار ، ولا متضايق الأنوار ، بل ضحيان النور ، فيحان الأمور ، سيحان الأنهار بالحياة المنجية ، واسع الأعطان والأفنية ، ساطع النور والبرهان ، جامع الفصل والبيان ، فأنواره بضيائه زاهرة ، وأسراره لأوليائه ظاهرة ، فما إن يواري عن أهله الذين استودعوا علمه من سرائر سريرة ، ولا يدع ما وضح من نوره في