تحريف الطغاة للقرآن
ولقد كان ينعى على الطغاة وعلماء السلاطين التحريف في تأويله ، لتطويعه لتضليل الأمة وإبقائها خانعة للعسف والجور ، باسم القرآن والإسلام ، بل يصل بهم الأمر إلى وضع الأحاديث التي تمجد الحاكم الظالم ، وتدعو الأمة إلى الصبر والخنوع ، وتحريم الثورة والجهاد المسلح ، لاستعادة الحقوق ، والحكم بالمنهج الإلهي ، قال :
على ما بلي به قديما من تلبيس ملوك الجبابرة ، وأتباعها من علماء العوّام المتحيّرة ، في توجيهها له على أهوائها وتصريفه ، وتأويلها له بخطئها على تحريفه ، حتى عطّل فيهم قضاؤه ، وبدّلت لديهم أسماؤه ، فسمّيت الإساءة فيه إحسانا ، والكفر بالله إيمانا ، والهدى فيه عندهم ضلالا ، وعلماء أهله به جهالا ، ونور حكمه ظلما ، وبصر ضيائه عمى ، بل حتى كادت أن تجعل فاؤه ألفا ، وألفه للجهل بالله فاءا ، تلبيسا على الطالب المرتاد ، وضلالة من العامة عن الرشاد ، فنعوذ بالله من عماية العمين ، والحمد لله رب العالمين.
فلو لا ما أبدى الله سبحانه من كتابه وحججه ، وأذكى سبحانه من تنوير سرجه ، لأباد حججه ـ بتظاهرهم ـ المبطلون ، ولأطفأ سرجه الظلمة الذين لا يعقلون ، ولكن الله سبحانه أبى له أن له أن يطفى ، وجعله سراجا لأوليائه أبدا لا يخفى ، ولذلك ما يقول سبحانه : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٣٢)) [التوبة : ٣٢].
مصحف علي عليهالسلام
وقال متحدثا عن عدم اختلافه كما روى الهادي عليهالسلام : حدثني أبي عن أبيه عن جده ، أنه قال : قرأت مصحف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، عند عجوز مسنة ، من ولد الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، فوجدته مكتوبا أجزاء ، بخطوط مختلفة ، من أسفل جزء فيها مكتوب : وكتب علي بن أبي طالب ، وفي أسفل آخر : وكتب عمار بن ياسر ، وفي أسفل آخر : وكتب المقداد ، وفي آخر : وكتب سلمان الفارسي ، وفي آخر : وكتب أبو ذر الغفاري ، كأنهم تعاونوا على كتابته. قال جدي القاسم بن إبراهيم صلوات الله عليه : فقرأته فإذا هو هذا القرآن