الْغافِلُونَ) [الأعراف : ١٧٩]. وقال سبحانه : (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣)) [الحجر : ٣].
فنعوذ بالله يا بني من مثل حالهم ، ونرغب إليه في السلامة من سوء فعالهم ، وحسبنا الله في معرفته دليلا وداعيا ، وموفقا سبحانه للعلم به وهاديا.
[تفصيل طرق المعرفة]
فأول باب : وصفناه من دركه سبحانه بمباشرة الحس ، والباب الثاني : من دركه سبحانه بمباشرة النفس ، ففاسد أن يكون الله سبحانه بواحد منهما مدركا أو معروفا ، لأنّه إن عرف أو أدرك بما أدركا به أو عرفا كان بصفتهما موصوفا ، يجري عليه ما يجري عليهما ، ويضاف إليه تعالى ما يضاف إليهما ، من تجزئة الكل والأبعاض ، وألمّ به ما يلم بهما من الآلام والأعراض.
لأن ما يدرك من كل محسوس ، وإن كان خلافا لما يعقل من النفوس ، فلن يخلو من أن يكون خليطين خلطا فامتزجا فتوحدا ، أو أخلاطا كثيرة عدن مزاجا واحدا ، فتبدلن عن حالهن الأولى ، وصرن كونا من الأكوان التي تبلى ، وما كان كونا لزمه ما يلزم الأكوان ، ولم يتقدم الحركة ولا الأزمان ، وكان فيهما محظورا ، وبما حصرهما (١) من الحدث محصورا.
وحدث الحركة والزمان (٢) ، وقرائنهما من الجسم والصورة والمكان ، فما لا ينكره ـ إلا بمكابرة لعقله ، أو فاحش مستنكر من جهله ـ من سلمت من الخبل نفسه ، ونجت من نقص الآفات حواسه.
وكل نفس فذات قوى شتى مختلفة ، كل صفة منها فسوى غيرها من كل صفة ،
__________________
(١) في (أ) و (ه) : حظرهما.
(٢) في (أ) : والأزمان.