[دلالة الآيات الكونية على وجود الله]
والحمد لله على ما جعل لنا من السبيل بما قلنا وغيره إلى معرفته ، ودلنا عليه في محكم القرآن منّا وإحسانا من صفته ، فقال سبحانه فيما عرفنا ، منه وثبّت لنا ، من أنه يعرف بالأعلام القائمة الدالة ، والشهادات القاطعة العادلة ، التي لم تبرح في الأنفس والآفاق شاهدة مشهودة ، ولم تزل في السماوات والأرض وما بينهما من (١) سالف الأحقاب قائمة موجودة ، تشير إلى معرفته بكف وبنان ، وتومئ إلى العلم بالله لكل من (٢) له قلب وعينان ، كما قال الله سبحانه : (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ)(١٠٥) [يوسف : ١٠٥]. وقال سبحانه : (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٢١) وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)(٢٣) [الذاريات : ٢٠ ـ ٢٣]. وقال سبحانه : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٥٣) [فصلت : ٥٣]. فمن شهادته سبحانه لها أنه (٣) لما كان منها مدبّر مريد ، ثمّ قرر لنا سبحانه شهادة دلائله ، بما أظهر في السماوات والأرض والأنفس من أثر جعائله ، بتوقيف منبّه لكل بصير حي ، وتعريف لا يجهل بعده إلا كل ضلّيل عميّ ، فقال سبحانه في توقيفه ، وما نبه من تعريفه : (إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥) فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٩٦) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٩٧) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (٩٨) وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ
__________________
(١) في (أ) و (ه) : في.
(٢) في (أ) : من كان له.
(٣) سقط من (أ) : أنّه.