فيهم ، ودلّوهم على الله بدلائله ، من فطره (١) صنعه وفعائله ، وتعجّبوا من شكهم!! وما هم فيه من شركهم!! مع ما يرون من الدلائل في السماء والأرض ويبصرون ، مما يوقن بأقله فيما غاب عنهم الموقنون.
[استدلال محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم على الله]
ومن ذلك وفيه ، ومن الدلائل عليه ، قول الله سبحانه لرسوله ، صلى الله عليه وعلى الطيبين من آله : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٩) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ)(٢٠) [إبراهيم : ١٩ ـ ٢٠] ، فنبه سبحانه في ذلك من دلائله على ما فيه لمن اعتصم به من الشك فيه أحرز الحرز الحريز. ثمّ قال سبحانه في هذه السورة ، تكريرا بحججه (٢) المنيرة : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ (٣٢) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ (٣٣) وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (٣٤) [إبراهيم : ٣٢ ـ ٣٤]. يقول سبحانه الذي خلق ذلك كله وصنعه ، لا صانع فيه غيره ولا صانع له معه ، فذلك كله وإن كابروا فما لن يدّعوه ، وإن لم يأتهم فيه قصص الله ولم يسمعوه ، كما قال تبارك وتعالى : (خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (١٠) هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١١) [لقمان : ١٠ ـ ١١]. فصدق الله لا شريك له ، في أن من لم يعرف هذا كله ، صنعا له وخلقا ، وحقا يقينا صدقا ، فهو في أبين الضلال ، وأخبل صاغر الخبال ، والحمد لله كثيرا رب العالمين ، على ما أبان من حججه على الملحدين.
__________________
(١) أي : خلقه.
(٢) في (أ) : بالحجة. وفي (ب) و (ج) : للحجة.