رضي به من تعطيل ما عطل من كتاب (١) ربه وآياته.
[الاصغاء لحديث القرآن]
وإذا أردت أن ترى عجائب الأنباء والأنبياء ، وتعلم فضل عدل حكم الله في الأشياء ، فاسمع من الكتاب ولا تسمع عليه ، واكتف بحكم الله على العباد فيه ، فإنك إن تسمع صوتا عنه بأذن واعية ، ثم تقبل عليه منك بنفس لحكمته راعية ، تسمع منه بالهدى صيّتا ، وتعرف من جعله الله حيا ممن جعله ميتا ، فلعلك حينئذ عند معرفتك به (٢) للأشياء ، تهرب من الميتين وتلحق بالأحياء ، فتجد طيب طعم الحياة ، وتثق بالقرار في محل النجاة ، فتنزل يومئذ منازل العابدين ، وتأمن الموت حينئذ أمن الخالدين ، ففي مثل ذلك فارغب ، وله ما بقيت فانصب ، فللرغبة فيه ، وللحرص (٣) عليه ، استنزل إبليس أباك آدم فأغواه ، وبالخلد في معصيته (٤) الله منّاه ، فقال له ، ولزوجه (٥) معه : (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ) [الأعراف : ٢٠]. وفي ذلك : (وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١) فَدَلَّاهُما) ـ كما قال الله ـ (بِغُرُورٍ). [الأعراف : ٢١ ـ ٢٢]. وكذبهما فيما منّاهما به من الأمور ، فأعقبا برجائهما في المعصية لله ندما ، ونسي آدم صلى الله عليه ولم (٦) يجد الله له عزما ، كما قال سبحانه : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (١١٥) [طه : ١١٥]. فلو لم يعص الله للبث فيها أبدا ، ولو أطاع الله في الشجرة لبقي فيها مخلدا.
__________________
(١) في (ب) و (ج) : كتب.
(٢) سقط من (ب) ، ج ، (د) : به.
(٣) في (أ) و (د) : والحرص.
(٤) في (أ) : معصية الله.
(٥) في (أ) و (د) و (ه) : ولزوجته.
(٦) في (أ) : فلم.