والتقصير والألعاب (١) : (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٧) لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٨) بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ)(٩) [الدخان: ٧ ـ ٩]. فأخبر (٢) تبارك وتعالى بلعبهم ، عن شكهم في ربهم ، ودل بذلك على أن من اشتغل عن طاعة الله بلعبه ، فليس من الموقنين مع ذلك بالمعرفة بالله ربه.
[التفكير طريق المعرفة بالله]
وفي قلة اليقين بالغيب ، وما يعرض للجاهلين فيه من الريب ، ما يقول الله سبحانه فيما قص من نبإ (٣) قوم نوح وعاد وثمود وآدم وقوم لوط وأصحاب الأيكة ، وما أحل بهم بعد ما أراهم من الآيات والدلالات البينات من التدمير والهلكة ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٩٠) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (١٩١) [الشعراء : ١٩٠ ـ ١٩١]. ففي كل ما قص الله من ذلك لمن يعقل فيوقن بيان من الله فيما ذكرنا من قلة اليقين وتعريف وتفهيم ، واليقين بالغيب فإنما يكون ، بما يدركه (٤) الفكر لا بما تدركه العيون ، فمن لم يفكر بقلبه فيما غاب عنه ، لم يؤمن أبدا بشيء منه.
والآية في كل ما كانت من الأشياء فيه ، فهي الدلالة البينة المستدل بها عليه ، ومن استدل بالآيات على ما غاب صح له به (٥) يقينه ، وإن لم يره ولم يبصره لغيبته عنه ، وكان أصح عنده صحة ، وأوضح له ضحّة (٦) ، من كل ما وضح من الأمور كلها فاستنار ، وأيقن به كما يوقن بالليل (٧) والنهار ، بل كان أصح عنده في الإيقان ، من كل ما أدركه برؤية أو عيان ، لفضل درك اليقين ، على درك الرؤية والعين ، ومن لم
__________________
(١) في (أ) و (ج) : والألعاب ما يقول.
(٢) سقط من (ب) : فأخبر.
(٣) في (ب) : أنباء.
(٤) في (أ) : يذكره.
(٥) سقط من (ب) : له به. ومن (د) : به.
(٦) الضحة : الظهور والوضوح. يقال : ما لكلامه ضحى ـ كهدى ـ بيان.
(٧) في (أ) و (ج) : الليل.