الله عليه بأمر معاين موجود ، لا ينكره إلا بمكابرة فاحشة عقل الملك ولا عقل غيره ، لما فيه من بيّن أثر تدبير الله وتقديره ، من تدليل (١) الملك والتسخير ، من دءوب (٢) التحرك والمسير ، جيئة وذهوبا ، وطلعة وغروبا ، فهي طالعة وغائبة لا تقصر ، وجائية (٣) وذاهبة لا تفتر ، مختلفا (٤) بها ما جعل الله من الليل والنهار ، وما قدّر (٥) بمسيرها من الأوقات والأقدار ، وبما بان من ذلك وأنار لكل أحد ، بهت الذي كفر فلم يكابر ولم يجحد.
[استدلال موسى على وجود الله]
وكذلك قال موسى عليهالسلام إذ قال لفرعون ، حين قال له ولأخيه هارون : (فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى (٤٩) قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى (٥٠)) [طه : ٤٩ ـ ٥٠] ، فدله صلى الله عليه على ربهما بأدل دلائل الهدى ، من عطائه سبحانه لخلقه من نعمه ما أعطاهم ، وما منّ به جل ثناؤه من هداهم ، لكل رشد (٦) في دينهم ودنياهم.
وفيما ذكر موسى صلى الله عليه من عطية الله لخلقه ، ما أعطاهم من هداه لهم ورزقه ، ما يقول سبحانه : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) [البقرة : ٢٩]. ويقول سبحانه : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (١٣) [الجاثية : ١٣]. وفي هدايته لهم ما يقول سبحانه : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(٧٨) [النحل : ٧٨]. ولفرعون ما
__________________
(١) في (ب) و (د) : بدليل.
(٢) في (ب) و (د) : في دؤب. وفي (أ) و (ج) : من دون. مصحفة.
(٣) سقط من (ب) و (د) : وجائية.
(٤) في (ب) و (د) : مخلفاتها. مصحفة.
(٥) في (ب) و (د) : قدر الله.
(٦) في (ب) و (د) : للرشد.