فإني من القوم الذين يزيدهم |
|
قسوّا وبأسا شدة الحدثان |
ظل في مصر يدعو لبيعة أخيه محمد بن إبراهيم فترة من الزمن حتى استشهد أخوه ، ثم دعا إلى نفسه ، وتغرب عن الأوطان ، وتنقل بين البلدان ، رافعا راية الجهاد ، ومبينا حق الله على العباد ، حتى سقط عنه فرض الجهاد بالسيف ، لقلة الأنصار ، فتوجه إلى جهاد آخر جهاد القلم للدفاع عن مفاهيم الدين الحنيف ، ورد شبهات الملحدين ، وتأويل الجاهلين ، وتحريف الغالين ، وانتحال المبطلين.
وتوجه إلى إعداد جيل من المجاهدين ، من أبنائه وأحفاده ، وأصحابه. ولقد أثمر الشجر الذي غرسه ، وأينع الثمر الذي حرسه ، وما حفيده الإمام الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم إلا دوحة من تلك الشجرة الباسقة ، وجذوة من شلال النور الذي ملأ الأفق واستنار.
علم الإمام
مرحلة التلقي :
تربى الإمام القاسم ونشأ في وسط أسرة علمية موصولة برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، زقت العلم زقا.
ينهل من معين نبعها الصافي ، ويرشف من سلسبيلها العذب.
تلقى تعليمه على يد أبيه وأعمامه الذين كانوا شامة في جبين الزمن ، يشار إليهم بالبنان علما وزهدا وورعا وجهادا.
وكان شغوفا بالبحث ، والتوفر على دقائق علم الكلام ، يلتقي بعلماء الطوائف باحثا ومناظرا ، حتى استقام عوده ، وقوي زنده ، مع فطنة متوقدة ، ونظر صائب ، وفكر نافذ.
قال الإمام القاسم عن نفسه : والعقول حظوظ متقسمة ، والأخلاق غرائز مستحكمة ، فالحازم مغتبط بما ألهم ، جذل بما قسم ، والمفرّط متأسّ على ما حرم ، يقرع