هداه ، إلا من أرشده وهداه ، ولن يظفر فيه ببغيته وطلبته ، إلا من كان متحريا لإرادة (١) الله فيه ومحبته.
وبعد : فاعلم يا بني : نفعك (٢) الله بعلمك فكم من علم غير نافع ، ومنادى (٣) له وإن كان صحيحا سمعه غير سامع ، وناطق في عداد البكم ، إذ ينطق بغير رشد في الهدى ولا علم ، (٤) وكم من ناظر لا يبصر (٥) ولا يرى ، كما قال الله سبحانه وتعالى : (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ)) (١٩٨ [الأعراف : ١٩٨]. وقال سبحانه : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (١٧١)) [البقرة : ١٧١]. فليس كل من علم انتفع ولا اتبع ، ولا كل من نودي به سمع ولا استمع ، ولا كل من نطق فكر ، ولا كل (٦) من نظر أبصر ، ولا كل من له قلب فقه ولا عقل ، إذا (٧) هو أعرض وترك وغفل.
وفي أولئك ، ومن هو كذلك ، ما يقول سبحانه : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ)(١٧٩) [الأعراف : ١٧٩] ، فكفى رحمك الله بما نرى من هذا ومثله في كثير من الناس بيانا وآيات لقوم يعقلون.
[عظة بليغة]
وكيف لا يكون عند من يعلم أو يعقل كالأنعام ، من لا يهتم إلا بما لها من الهم
__________________
(١) في (أ) و (ج) : بغيته وطلبته ، إلا من كان متحريا إرادة الله.
(٢) في (ب) : ينفعك.
(٣) في (ب) و (د) : له بعد علمه وإن. (زيادة).
(٤) في (أ) و (ج) : إذ نطق بغير رشد إلى الهدى ، وكم.
(٥) سقط من (أ) و (ج) : لا يبصر.
(٦) سقط من (ب) و (د) : كل.
(٧) في (أ) و (ج) : إذ.