أحدها : أن الصورة لو كانت قديمة لكانت في هذا المصوّر (١) الذي ظهرت فيه الصورة ، أو في عنصره الذي تسمونه" هيولى" (٢) ، فإن كان في هذا المصوّر بان فساد قولكم ودعواكم ، إذ قد نجده بخلاف (٣) هذه الصورة ، وإن كانت في الذي تسمونه" هيولى" ، فلا بد إذا ظهرت في هذا المصوّر أن تكون قد انتقلت عنه إلى هذا (٤) فإن قلت : انتقلت. أحلت ، لأن الأعراض (٥) لا يجوز عليها الانتقال ، على أن في الصورة ما يرى بالعيان ، فإن كانت منتقلة فما بالها خفيت عند الانتقال ، وظهرت عند اللبث؟!
وفيه خلة أخرى وهي : أنها (٦) لو كانت في الأصل (٧) ، ثم انتقلت عنه إلى فرعها (٨) ، فقد جعلت لانتقالها غاية ونهاية ، وإذا جعلت لها غاية ونهاية (٩) فقد صح حدث (١٠) الذي انتقلت عنه هذه الأحوال (١١).
فإن قلت : لم تزل تنتقل. كان الكلام عليك في هذا المعنى ، كالكلام الذي قدمناه آنفا في" باب لم تزل تحدث".
__________________
(١) المصوّر : الجسم ، أيّ جسم.
(٢) الهيولى : القطن. وشبه الأوائل طينة العالم به. وهو السديم. والسديم هو الضباب الرقيق. وهو في اصطلاحهم موصوف بما يصف به أهل التوحيد الله تعالى أنه موجود بلا كمية ولا كيفية ، ولم يقترن به شيء من سمات الحدث ثم حلت به الصنعة ، واعترضت به الأعراض ، فحدث منه العالم.
(٣) في (ب) و (د) : على غير.
(٤) أي : عن الهيولى إلى المصوّر. وسقط من (ه) : عنه إلى هذا.
(٥) أي : الصّور.
(٦) أي : الصورة.
(٧) يعني : الهيولى.
(٨) لعله : فرعه ، أي فرع الأصل الذي هو الهيولى وفرعه المصوّر.
(٩) في (ب) : جعلت الانتقال لها غاية ونهاية.
(١٠) سقط من (ب) : صح.
(١١) لأنها قد تخلفت عنه فدل ذلك على أنها غير ذاتية ، لأن ما بالذات لا يتخلف ، ودل ذلك على جواز ثبوتها له وانتفائها عنه ، وإذا جاز ذلك لم يصح أن يثبت له إلا لفاعل أو علة قديمة موجبة ، والثاني باطل كإثباتها له لذاته ، فدل ذلك على أنها لفاعل ، وأنها محدثة وأن ملازمتها للجسم دليل حدوثه. تعليقة للسيد بدر الدين الحوثي.