وفيه معنى آخر وهو : أنك إذا جعلت الأشياء في وهمك شيئين ، إذا أفردت كل واحد من صاحبه نقص ، وانتهى إلى حد ما وقلّ ، وإذا جمعت كل واحد إلى صاحبه زاد ، وانتهى إلى حد ما وكثر ، أفليس (١) إذا انتهى في حال ، وزاد فكثر أو نقص فقلّ ، فالنقص والزيادة يخبران بالنهاية عنه (٢)؟! وإذا ثبت فيه النهاية ، ثبت فيه الحدوث (٣)!!!
[نظرية الكمون والظهور]
قال الملحد : ما أنكرت أن تكون صورة التمرة والشجرة كامنة في النواة ، فلما وجدت ما شاكلها ظهرت؟!
قال القاسم عليهالسلام : إن هذا يوجب التجاهل ، وذلك أنا لو تتبعنا أجزاء النواة لم نجد فيها ما زعمت.
وشيء آخر وهو : أنه لو جاز هذا لجاز أن يكون الإنسان كامنة فيه (٤) صورة الخنزير ، والحمار ، والكلب ، وإذا كان ذلك كذلك ، كان (٥) الإنسان إنسانا في الظاهر ، كلبا ، حمارا ، خنزيرا ، فيلا ، في الباطن!! فإن قلت ذلك ، لحقت بأصحاب سوفسطاء (٦).
__________________
(١) في (ه) : فليس.
(٢) في (أ) : عنه بالنهاية.
(٣) وهذا يوافق قول زين العابدين عليهالسلام في جوابه على الخارجي : كيف يستحق الأزل من لا يمتنع من الحدث. أي : الحوادث المنقضية.
(٤) في (أ) : في.
(٥) في (أ) و (و) : والكلب ، فيكون الإنسان.
(٦) في (ه) و (و) : أصحاب. والسوفسطائيون : جماعة يونانية اتخذت من التدريس مهنة لها ، وكان همها تعليم الشباب اليوناني الفضيلة ، ويعنون بالفضيلة مقدرة الشخص على أداء وظيفته في الدولة ، وكان ابتداء وجودهم حوالي ٤٨٠ ق م ، أما كتب المقالات الإسلامية فتقسمهم إلى ثلاث فرق واصطلحت على تسميتهم بالعنادية ، والعندية ، واللاأدرية ، فالأولى تنكر في الأصل حقائق الأشياء ، فليس ثمّة حقيقة مؤكدة. والثانية الحقيقة هي ما تبدو لها فحسب ، فإذا كان في يدي قلم فإنه قلم ، وقد يكون عندك شيء آخر. والأخيرة اتخذت من كلمة لا أدري منهجا ، فإذا ما سئلوا عن شيء فإنهم ـ