مجراها ، فإذا جاء أحدهم وقال له قومه : ما الدلالة على صدقك ، قال : الدليل أن الله يقلب عاداتهم ، في كذا ، وكذا ، إلى كذا وكذا ، فحينئذ يعرفون صدقه ، ويضطرون إلى قبول قوله ، وهذه سبيل المعجزات كلها ، وبمثل ذلك (١) يفرق بين النبي والمتنبي ، وبين (٢) الصادق والكاذب.
[الحكمة من الموت والبعث]
قال الملحد : فإنه (٣) بقي في قلبي شبهة ، فأحب أن تقلعها بحسن رأيك ونظرك.
قال القاسم عليهالسلام : هاتها لله أبوك!
قال الملحد : أخبرني عن الله عزوجل ، لم يميت الإنسان ، ويصيّره ترابا ، بعد أن جعله ينطق بغرائب الحكمة ، وبعد هذه الصورة العجيبة البديعة؟! ولم يفني العالم كله؟! أرأيت لو أن إنسانا بنى بناء فنقضه لا لمعنى ، هل يكون حكيما؟!
قال القاسم عليهالسلام : ليس الأمر كما ظننته ، أرأيت لو أن إنسانا بنى بناء للشتاء فلما جاء وقت الصيف نقضه وبناه للصيف ، هل يكون حكيما؟
قال [الملحد] : نعم.
قال [القاسم] عليهالسلام : ولم؟
قال [الملحد] : لأن الذي اتخذه للشتاء ، لا يصلح للصيف ، وكذلك الذي اتخذه للصيف لا يصلح للشتاء.
قال القاسم عليهالسلام : وكذلك الله عزوجل ، خلق الدنيا وما فيها (٤) للابتلاء ، فإذا انتهى إلى أجله وحينه ، أفناها (٥) ، ويعيدها ثانيا (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما
__________________
(١) في (ب) : وبذلك.
(٢) سقط من (ه) : بين.
(٣) في (ب) و (د) : إنه قد.
(٤) سقط من (ه) : وما فيها.
(٥) سقط من (أ) و (ج) و (ه) : وحينه. وفي (ب) و (د) : يفنيها.