وأما ما بعد هذا من حشو كتابه ، فإنا قصرنا ـ لضعفه (١) ـ عن جوابه. ثم قال وتلعّب (٢) في بعض كلامه ، وجوّز ما حكم به لنفسه من أحكامه : فقد يبصر المبصرون ـ زعم ـ أن من الأمور محمودا ، وأن منها مذموما. فقال منها ولم يقل كلها ، وسقط عنه بعضها وفضلها ، وإذا كان لأيها (٣) كان بعض وكل ، كان لكلها يقينا على بعضها (٤) فضل ، وإذا ثبت بين النور التفاضل ، ثبت لبعضه على بعض فضائل ، وإذا كان النور فاضلا ومفضولا ، فقد عاد (٥) النور بعد أصل أصولا ، إذ الفاضل والمفضول اثنان ، والفضل والنقص منهما شيئان ، والفاضل فخير حالا ، والمفضول أسفل سفالا ، فكل جزءين من أجزائه ، فهما خير من جزء ، وكل عضو من أعضائه ، فهو في الشر كعضو ، وهما (٦) إذا اجتمعا ، خير منهما إذا انقطعا ، فمرة فيهما (٧) خير عند الاجتماع ، ومرة فغيرهما خير منهما عند الانقطاع.
وكذلك أيضا فقد يدخل عليهم (٨) في الظلمة وتفاضلها ، ما يصيّرهم إلى أن شر البعض منهما أقل من شر كلها ، إذ شر كلها أكثر من شر بعضها ، وإذ الشر من أقلها ليس هو أكثر من شر كلها ، فالنور في نفسه واسمه شر ضرّار ، ونافع شرّار ، وذلك أنه (٩) يقل والقلة عنده شر فيعود نوره ضرا ، ويقصر عن قدر مبلغ كماله والتقصير عنده ضر فيعود ضرا ، والظلمة فخير عندهم وشر ، ونفع وضر ، إذ قليلها (١٠) مقصر في
__________________
(١) في (ب) و (د) : لضعفه فيه عن.
(٢) سقط من (ج) : وتلعب.
(٣) في (ب) و (د) : لأيهما.
(٤) في (ب) و (د) : بعض.
(٥) في (ب) : صار.
(٦) في (ب) و (د) : فهما.
(٧) في (أ) و (ج) : فيهما. وفي (ب) و (د) : فهما. ويبدو أن كليهما مصحفة.
(٨) في (أ) و (د) : يدخل عليهما الظلمة وفاضلها. وفي (ج) : وتفاضلاهما.
(٩) في (أ) و (ج) : وكذلك. وفي (ب) : لأنه.
(١٠) في (أ) و (ج) : قلتها.