السوق شيء أفضل مما دعاك إليه لكرهت أن تصدقه ، وخفت الغبن والخديعة ، ورأيت ذلك ضعفا ، وعجزا منك ، حتى تختار ـ زعم ـ على بصرك ، وتستعين بمن رجوت عنده معونة وبصرا.
[التفكير فريضة إسلامية]
فمن ـ يا ويله ـ الذي يخاطب ويسأل؟ ومن الذي يخشى أن يخدع ويجهل؟ النور الذي لا يجهل ـ زعم ـ فيعود شرا ، أم الظلمة التي لا تكون إلا خديعة ومكرا؟! سبحان الله ما أشبه أمثاله بعقله! وما أوجد (١) شبهه في الدناءة (٢) بفعله!! أمحمد ـ ويله ـ (٣) صلوات الله عليه ، كان يدعو إلى شيء مما كذب (٤) عليه فيه؟! معاذ الله أن تكون تلك كانت قط من آدابه ، ومما نزّل عليه في كتابه! أهو ـ ويله ـ يحمل على خلاف ما يعرف؟! وإنما جاء صلىاللهعليهوآله يدعو إلى المعارف ، أو يأمر صلىاللهعليهوآله بالكف عن الطلب والبحث ، وهو الكاشف عن أسرار الغيوب لكل متبحّث ، أو هو يرضى دناءة الخدع وقبائحها ، أو يقارب الأسواء وفضائحها؟! ولم يقبّح أحد من الخلق السيئات بأكثر مما قبّح ، ولم ينصح في الدلالة على الخيرات أشد (٥) مما نصح ، ولم يناد بإظهار أمره أحد قط كما نادى ، ولم يدع إلى (٦) كشف الحق ما إليه دعا.
أما سمعه ويله ، ما أكذب قيله! وهو يقول صلوات الله عليه ورضوانه : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١٠٤) [يونس : ١٠٤].
__________________
(١) في (ب) و (د) : يوجد.
(٢) في (ب) : الدنيا. مصحفة.
(٣) سقط من (ب) و (د) : ويله.
(٤) أي كذب ابن المقفع على النبي صلىاللهعليهوآله.
(٥) في (ب) : أكثر.
(٦) في (أ) : من الكشف للحق.