بالحواس كلها فأوّلي أزلي ، (١) وهم فرق شتى متفرقة ، فمنهم من يقول : إنما الحدث اجتماع وفرقة.
ومنهم من يقول : إنما هو بتغيّر العين ، باختلاف ما يدخلها من التعيين (٢).
ومنهم من يقول : إنما الحدث كون بعض الأشياء المختلفة المتضادة من بعض ، كالأرض التي تكون من الماء والماء الذي يكون من الأرض ؛ ومن أجل هذا الأصل ، قالوا جميعا إن الكل مختلط بالكل ، وأن الكل من الكل (٣) يكون ، وأن هذا هو الحدوث والكون ، إلا أنه من صغر أقداره ، لا يوجد ولا يحس به ، وهو لا منتهى له في عدّه ، (٤) وأن كل ضد من الأشياء مختلط بضدّه ، البياض بالسواد ، والنامي بالجماد ، والعظم باللحم ، واللحم بالعظم ، ليس شيء منه بخالص وحده ، ويرون أن طبيعة الشيء هي الأكثر منه أو مما ضاده.
يا هؤلاء إنه إن (٥) كان الشيء لا منتهى له في نفسه لم يعرفه (٦) أبدا عارف ، وإن كان لا منتهى له في عدّة أو كثرة لم يكن للكمية معارف ، وإن كان لا منتهى للشيء في الصورة ، كانت الكيفية مجهولة ، وإذا كانت الأشياء لا تعرف لأنه لا منتهى لها ، فما كان منها فلا يعرف أيضا مثلها ، وإنما يعرف ما يدرك ، ويسهل لمعرفته (٧) المسلك ، إذا
__________________
(١) سقط من (أ) : أزلي.
(٢) في جميع المخطوطات : التغيير. وما أثبت اجتهاد. وأكاد أجزم بصحة ما أثبت لوجهين :
أولا : ما عهدنا من أسلوب الإمام في السجع.
ثانيا : ما سيأتي من الكلام يدل على ما ادعيت ، لأنه في صدد الرد على من أثبت وحدة الأشياء وأن بعضها من بعض ، وإنما تختلف بالتعيين فتعين جزء منها أرضا ، وجزء ماء ، وجزء هواء ، وإلا فالأرض من الماء والأرض هي الماء ، والماء هو الهواء ، لأن الماء مكون من الأوكسجين والهيدروجين ... وهكذا. تأمل.
(٣) سقط من (أ) و (ج) : من الكل.
(٤) في (ب) و (ج) و (د) : عدده.
(٥) في (أ) و (ب) : لو.
(٦) في (أ) : لا يعرفه.
(٧) في (ب) و (ج) و (د) : بمعرفته.