أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٧٥)) [المائدة : ٧١] ، فأي آية أدل لهم على أنه مثلهم من أكله للطعام لو كانوا يعقلون ، فلقد جهلوا من هذا ـ ويلهم ـ ما لم يجهل قوم نوح إذ يقولون : (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) [المؤمنون : ٣٣].
[مصادر عقائد النصارى]
ومن قبل ما قالت به النصارى في المسيح بن مريم ما قال بمثل قولهم المشركون ، فزعموا أن ملائكة الله المقربين ، ولد وبنات لله رب العالمين.
ومنهم ما (١) قبلت النصارى أقوالها ، وحذت في الاشراك بالله منهم مثالها ، وهو قول كان يقول به في الأوائل الروم والقبط وأهل الجاهلية ، من كان يقول في النجوم السبعة بتثبيت الربوبية لها والإلهية ، وكانوا يزعمون أن النجوم السبعة ملائكة لله ناطقة ، وأنها آلهة مع الله ـ لما تم بها (٢) كونه ـ خالقة ، وأن الله سبحانه صنعهن منه صنعا ، ولم يبتدعهن لا من شيء بدعا ، فلما أكملهن تبارك وتعالى وتم تمامهن ، كنّ كلهن به وعنه قال لهن :
أنتن آلهة الإلهية بكنّ عقد كل معقود وحل كل محلول ، وزعموا أن بهن وعنهن كانت من الحيوان المائت (٣) جعله كل مجعول ، بهن كان وجوده وقوامه (٤) ، ومنهن كان صنعه وتمامه ، وأنهن (٥) علة واسطة بين الله وبين الأشياء ، وأن الله الصانع لهن ولغيرهن به ماتت (٦) الأحياء ، وكان الله لا شريك له إله الآلهة العليّ الذي لا يمثلونه بشيء ، والأول القديم الذي لم يزل تبارك وتعالى من غير أول ولا بدي ، وأنه هو المبتدئ (٧)
__________________
(١) في (أ) : من قبلت. وما ، هذه زائدة ، كثيرا ما يستخدمها الإمام.
(٢) في (ج) : تم به كونها خالقة.
(٣) في (ج) : الميت.
(٤) في (ج) : قيامه.
(٥) في (د) : وأنه.
(٦) في (ج) و (د) : بهن. وفي (ج) : ما بث.
(٧) في (د) : المبتدئ بإنية الصانع.