وكذلك المسيح الذي هو اجتماع اللاهوت والناسوت (١) يسمى مسيحا ، وهو ابن الله الذي لم يزل أفما ترون هذا قولا فيما ذكرنا وقسنا بيّنا صحيحا.
وقالت النسطورية : إن الابن الذي لم يزل بمحبته نزل رأفة وكرما ، فتجسّد من مريم عند نزوله جسدا كاملا تاما ، بطبيعة وقنومية ، (٢) من إنسانية وآدمية ، فكان المسيح طبيعتين وقنومين ، بعد تجسده بالجسد تآمين. وقالوا : فنحن إذا رأيناه يأكل ويشرب ، ويجيء في الأرض ويذهب ، وينصب ويشتكي ، ويضحك ويبكي ، جعلنا ذلك كله ، وما رأينا منه ومثله ، من الناسوت وإذا (٣) نحن رأيناه يحيي الموتى ، ويبرئ المرضى ، ويمشي على الماء ، جعلنا ذلك للاهوت.
[المذهب الجامع للنصارى]
وقالت فرق النصارى كلها مع اختلافها ، وافتراق قولها في أوصافها ، (٤) إن سبب نزول الابن الإلهي الذي نزل من السماء ، رحمة للبشر ومحافظة على الرسل والأنبياء ، قالوا من أجل خطيئة آدم فإنه لما أن (٥) أخطأ ، وأكل من الشجرة التي نهاه الله عنها فعصى ، تبرأ الله تبارك وتعالى منه ، وأسلمه إلى الشيطان باتّباعه له. قالوا فكان في حيّز الشيطان ودار ملكه ، وكذلك زعموا كان معه فيها جميع ولده ، يحكم فيهم الشيطان بما أحب من حكمه ، قالوا وكان فيما ملك الشيطان من آدم ونسله ، أنفس كثيرة من أنبياء الله ورسله ، فمن تلك الأنفس نفس نوح ونفس إبراهيم ، وغيرهما من أنفس الرسل والنبيين ، قالوا فتلطف الابن واحتال لاستخراج تلك الأنفس من يد الشيطان ، فلبس لذلك ومن أجله جسدا آدميا ، ليكون بما لبس منه عن الشيطان خفيا ، فتنكر
__________________
(١) اللاهوت : الإله ، والناسوت : الناس.
(٢) في (أ) و (ب) و (ج) : وقنومة.
(٣) في (ج) و (د) : فإذا.
(٤) في (ج) : أقوالها إن. وفي (د) : أقوالها في أوصافها.
(٥) سقط من (ج) و (د) : أن.