فيقال إن شاء الله لهم فيما تأولوه من ذلك وادعوا ، وافتروا في ذلك على كتب الأنبياء وابتدعوا ، مما لم يسبقهم إليه أحد ، ولم يقل به قبلهم مفتر ولا ملحد : إنا لم ندرك نحن ولا أنتم الأنبياء ولا المسيح بن مريم ، صلىاللهعليهوسلم ، ولم ندرك نحن ولا أنتم أحدا من حواريه ، فنسأل من أدركنا منهم عما اختلفنا نحن وانتم فيه ، فتكتفوا (١) بمن أدركتم من الأنبياء عليهمالسلام في التأويل ، ونجتمع نحن وأنتم على الحق فيما اختلفنا فيه من الأقاويل.
[قواعد للحوار]
ولا بد لنا ولكم من الانصاف ، فيما وقع بيننا وبينكم من الاختلاف ، فإن نحن تناصفنا ائتلفنا ، وإن فارقنا التناصف اختلفنا ، ثم لم نعد أبدا للائتلاف ، (٢) إلا بعودة منا إلى الانصاف. والتناصف هو الحكم العدل بعد الله بين المختلفين ، والشفاء الشافي الذي لا شفاء أبدا في غيره للمتناصفين ، فأنصفوا الحق من أنفسكم ، تخرجوا بإذن الله بإنصافكم من لبسكم ، وارفضوا للحق أهواءكم ، تسعدوا في دينكم ودنياكم ، وأقيموا ما أنزل إليكم (٣) من التوراة والإنجيل ، واتركوا الافتراء على الله فيها (٤) بعمى التأويل ، تهتدوا إن شاء الله لقصد سبلكم ، وتأكلوا كما قال الله من فوقكم ومن تحت أرجلكم ، وافهموا قول العزيز الوهاب ، فيكم وفي غيركم من أهل الكتاب : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ)(٦٦) [المائدة : ٦٦] ، فكفى بهذا بيانا من الله في أهل الكتاب لقوم يعقلون.
__________________
(١) في (ج) : فنكتفوا.
(٢) في (ج) و (د) : أبدا إلى الائتلاف.
(٣) في (ب) : إليكم من ربكم من. وفي (ج) : إليكم ربكم في. وفي (د) : الله إليكم من ربكم من.
(٤) سقط من (ج) : فيها.